°^°¤§©¤ قصة الحسن والحسين °^°¤§©¤
صفحة 1 من اصل 1
°^°¤§©¤ قصة الحسن والحسين °^°¤§©¤
الحسين بن علي بن أبي طالب، ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم، ولد بعد أخيه الحسن، في شعبان سنة أربع من الهجرة. وقتل يوم الجمعة يوم عاشوراء في المحرم سنة إحدى وستين رضي الله عنه وأرضاه.
أدرك الحسين من حياة النبي صلى الله عليه وسلم خمس سنين، فصحت له الصحبة إلى أن توفي وهو عنه راض، ثم كان الصديق، يكرمه ويعظمه، وكذلك عمر وعثمان، رضي الله عنهما، وصحب أباه وروى عنه، وكان معه في مغازيه كلها، وكان معظماً موقراً ولم يزل في طاعة أبيه حتى قتل، فلما آلت الخلافة إلى أخيه الحسن، وتنازل عنها لمعاوية لم يكن الحسين موافقاً لأخيه لكنه سكت وسلّم.
ولما توفي الحسن كان الحسين في الجيش الذي غزا القسطنطينية في زمن معاوية، ولما أخذت البيعة ليزيد بن معاوية في حياة معاوية امتنع الحسين من البيعة؛ لأنه كان يرى أن هناك من هو أحق بالخلافة والبيعة من يزيد.
لما بلغ أهل العراق أن الحسين لم يبايع يزيد بن معاوية سنة 60هـ أرسلوا إليه رسلا وكتبا بلغت كثر من خمسمائة يدعونه فيها إلى البيعة. فعند ذلك بعث الحسين ابن عمه مسلم بن عقيل بن أبي طالب إلى العراق؛ ليكشف له حقيقة الأمر، فإن كان أمراً حازماً محكماً بعث إليه ليركب في أهله وذويه.
فلما دخل مسلم الكوفة جاء أهلها إليه فبايعوه على إمرة الحسين، فاجتمع على بيعته من أهلها اثنا عشر ألفاً ثم تكاثروا حتى بلغوا ثمانية عشر ألفاً فكتب مسلم إلى الحسين؛ ليقدم عليها فقد تمت له البيعة، فتجهز رضي الله عنه خارجاً من مكة قاصداً الكوفة.
فانتشر الخبر فكتب أمير المؤمنين يزيد بن معاوية لعامله على الكوفة ابن زياد بأن يطلب مسلم بن عقيل ويقتله أو ينفيه عن البلد.
فسمع مسلم الخبر فركب فرسه واجتمع معه أربعة آلاف من أهل الكوفة وتوجه إلى قصر ابن زياد، فدخل ابن زياد القصر وأغلق عليه الباب، فأقبل أشراف وأمراء القبائل بترتيب من ابن زياد في تخذيل الناس عن عقيل ففعلوا، فجعلت المرأة تجيء إلى ابنها وأخيها وتقول له: "ارجع إلى البيت والناس يكفونك، كأنك غداً بجنود الشام قد أقبلت فماذا تصنع معهم؟" فتخاذل الناس حتى لم يبق معه إلا خمسمائة نفس، ثم تناقصوا حتى بقي معه ثلاثمائة، ثم تناقصوا حتى بقي معه ثلاثون رجلاً، فصلى بهم المغرب ثم انصرفوا عنه فلم يبق معه أحد، فذهب على وجهه واختلط عليه الظلام يتردد الطريق لا يدري أين يذهب، فاختبأ في خيمة، فعلموا بمكانه فأرسل ابن زياد سبعين فارساً فلم يشعر مسلم إلا وقد أحيط به فدخلوا عليه فقام إليهم بالسيف فأخرجهم ثلاث مرات. وأصيبت شفته العليا والسفلى ثم جعلوا يرمونه بالحجارة فخرج إليهم بسيفه فقاتلهم، فأعطاه أحدهم الأمان فأمكنه من يده وجاؤوا ببغلة فأركبوه عليها وسلبوا عنه سيفه، فالتفت إلى رجل يسمى محمد بن الأشعث فقال له: إن الحسين خرج اليوم إليكم فابعث إليه على لساني تأمره بالرجوع، ففعل ذلك ابن الأشعت، لكن الحسين لم يصدق ذلك.
فأتوا بمسلم بن عقيل فأُدخل على ابن زياد، فأمر بأن تضرب عنقه فأُصعد إلى أعلى القصر وهو يكبر ويهلل ويسبح ويستغفر، فقام رجل فضرب عنقه وألقى برأسه إلى أسفل القصر وأتبع رأسه بجسده. وكان قتله رضي الله عنه يوم التروية الثامن من ذي الحجة.
ثم إن ابن زياد قتل معه أناساً آخرين وبعث برؤوسهم إلى يزيد بن معاوية إلى الشام.
خرج الحسين من مكة قاصداً أرض العراق ولم يعلم بمقتل ابن عمه مسلم بن عقيل، وقبل خروجه استشار ابن عباس فقال له: لولا أن يزرى بي وبك الناس لشبثت يدي في رأسك فلم أتركك تذهب. فقال الحسين: لأن أُقتل في مكان كذا وكذا أحب إلي من أن أُقتل بمكة.
فلما كان من العشي جاء ابن عباس إلى الحسين مرة أخرى فقال له يا ابن عم! إني أتصبر ولا أصبر إني أتخوف عليك في هذا الوجه الهلاك، إن أهل العراق قوم غدر فلا تغتر بهم، أقم في هذا البلد وإلا فسر إلى اليمن فإن به حصوناً وشعاباً وكن عن الناس في معزل، فقال الحسين: يا ابن عم! والله إني لأعلم أنك ناصح شفيق، ولكني قد أزمعت المسير. فقال له: فإن كنت ولا بد سائراً فلا تسر بأولادك ونساءك، فوالله إني لخائف أن تقتل كما قتل عثمان ونساؤه وولده ينظرون إليه.
وكان ابن عمر بمكة فبلغه أن الحسين قد توجه إلى العراق فلحقه على مسيرة ثلاث ليال فقال له: أين تريد؟ قال: العراق، وهذه كتبهم ورسائلهم وبيعتهم، فقال ابن عمر: لا تأتهم، فأبى، فقال له: إني محدثك حديثاً، إن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فخيره بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة ولم يرد الدنيا، وإنك بضعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله ما يليها أحد منكم أبداً، وما صرفها الله عنكم إلا للذي هو خير لكم، فأبى أن يرجع، فاعتنقه ابن عمر وبكى وقال: أستودعك الله من قتيل.
وقال عبد الله بن الزبير له: ( أين تذهب؟ إلى قوم قتلوا أباك وطعنوا أخاك؟) وقال عبد الله بن عمرو بن العاص: (عجّل الحسين قدره، والله لو أدركته ما تركته يخرج إلا أن يغلبني). (رواه يحيى بن معين بسند صحيح).
فخرج متوجهاً إليهم في أهل بيته وستون شخصاً من أهل الكوفة، وذلك يوم الاثنين العاشر من ذي الحجة. يقال أن الحسين لقي الفرزدق في الطريق فسلم عليه وسأله عن أمر الناس وما وراءه فقال له: قلوب الناس معك وسيوفهم مع بني أمية. ثم أقبل الحسين يسير نحو الكوفة ولا يعلم بشيء مما وقع من قتل ابن عمه مسلم بن عقيل وغيرها من الأخبار، وكان لا يمر بماء من مياه العرب إلا اتبعوه. وجاء الحسين خبر مسلم بن عقيل عن طريق الذي أرسله مسلم، فانطلق الحسين يسير نحو طريق الشام نحو يزيد، فوصل كربلاء، فقال: ما اسم هذه الأرض؟ فقالوا له: كربلاء، فقال: كرب وبلاء. فلما كان وقت السحر قال لغلمانه: استقوا من الماء وأكثروا، فأقبلت عليهم خيول ابن زياد بقيادة عمرو بن سعد وشمر بن ذي الجوشن وحصين بن تميم والحرّ بن يزيد وكانوا ألف فارس، والحسين وأصحابه معتمون متقلدون سيوفهم، فأمر الحسين أصحابه أن يترووا من الماء ويسقوا خيولهم وأن يسقوا خيول أعدائهم أيضاً.
فنزل يناشدهم الله والإسلام أن يختاروا إحدى ثلاث: أن يسيِّروه إلى أمير المؤمنين (يزيد) فيضع يده في يده (لأنه يعلم أنه لا يحب قتله) أو أن ينصرف من حيث جاء (إلى المدينة) أو يلحق بثغر من ثغور المسلمين حتى يتوفاه الله. (رواه ابن جرير من طريق حسن). فقالوا: لا، إلا على حكم عبيد الله بن زياد. قال: الحر بن يزيد:ألا تقبلوا من هؤلاء ما يعرضون عليكم ؟والله لو سألكم هذا الترك والديلم ما حلَّ لكم أن تردوه. فأبوا إلا على حكم ابن زياد. فصرف الحر وجه فرسه، وانطلق إلى الحسين وأصحابه، فظنوا أنه إنما جاء ليقاتلهم، فلما دنا منهم قلب ترسه وسلّم عليهم، فكان معهم.
فلما دخل وقت الظهر أمر الحسين رجلاً فأذن ثم خرج في إزار ورداء ونعلين، فخطب الناس من أصحابه وأعدائه واعتذر إليهم مجيئه هذا، ولكن قد كتب له أهل الكوفة أنهم ليس لهم إمام، ثم أقيمت الصلاة فقال الحسين للحرّ بن يزيد تريد أن تصلي بأصحابك؟ قال لا! ولكن صل أنت فصلى الحسين بالجميع ثم دخل خيمته حتى العصر فخرج وصلى بهم، فسأله الحرّ عن هذه الرسائل التي أرسلت له فأحضر له الحسين كتباً كثيرة فنثرها بين يديه وقرأ منها طائفة، فقال الحرّ: لسنا من هؤلاء الذين كتبوا لك في شيء، وقد أُمرنا إذا نحن لقيناك أن لا نفارقك حتى نقدمك على ابن زياد فقال الحسين الموت أدنى من ذلك. فقال له الحرّ فإني أشهد لئن قاتلت لتقتلنّ، فقال الحسين: أفبالموت تخوفني؟:
سأمضي وما بالموت عارٌ على الفتى إذا ما نوى حقاً وجاهد مسلما
وآسى الرجـال الصـالحين بنفسـه وفارق خوفاً أن يعيش ويرغما
ثم كرّ الحر على أصحاب ابن زياد فقاتلهم، فقتل منهم رجلين ثم قتل رحمة الله عليه (ابن جرير بسند حسن).عندها تزاحف الفريقان بعد صلاة العصر، والحسين جالس أمام خيمته محتبياً بسيفه ونعس فخفق برأسه وسمعت أخته الضجة فأيقظته، فرجع برأسه كما هو وقال: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فقال لي: (إنك تروح إلينا). فتقدم عشرون فارساً من جيش ابن زياد فقالوا لهم: جاء أمر الأمير أن تأتوا على حكمه أو نقاتلكم. فقال أصحاب الحسين: بئس القوم أنتم تريدون قتل ذرية نبيكم وخيار الناس في زمانهم؟ فقال الحسين: ارجعوا لننظر أمرنا الليلة وكان يريد أن يستزيد تلك الليلة من الصلاة والدعاء والاستغفار، وقال: قد علم الله مني أني أحب الصلاة له وتلاوة كتابه والاستغفار والدعاء، وأوصى أهله تلك الليلة، وخطب أصحابه في أول الليل، فحمد الله وأثنى عليه وقال لأصحابه: من أحب أن ينصرف إلى أهله في ليلته هذه فقد أذنت له، فإن القوم إنما يريدونني، فاذهبوا حتى يفرج الله عز وجل فقال له إخوته وأبناؤه وبنو أخيه: لا بقاء لنا بعدك، ولا أرانا الله فيك ما نكره فقال الحسين: يا بني عقيل حسبكم بمسلم أخيكم، اذهبوا فقد أذنت لكم، قالوا: فما تقول الناس أنا تركنا شيخنا وسيدنا وبني عمومتنا، لم نرم معهم بسهم ولم نطعن معهم برمح ولم نضرب معهم بسيف رغبة في الحياة الدنيا , لا والله لا نفعل، ولكن نفديك بأنفسنا وأموالنا وأهلينا، ونقاتل معك حتى نرد موردك، فقبح الله العيش بعدك.
وبات الحسين وأصحابه طول ليلهم يصلّون ويستغفرون ويدعون ويتضرعون، وخيول حرس عدوهم تدور من ورائهم. فلما أذن الصبح صلى رضي الله عنه بأصحابه صلاة الفجر وكانوا اثنين وثلاثين فارساً وأربعين راجلاً، وأعطى رايته أخاه العباس، وجعلوا الخيام التي فيها النساء والذرية وراء ظهورهم، فدخل الحسين خيمته فاغتسل وتطيب بالمسك ثم ركب فرسه وأخذ مصحفاً ووضعه بين يديه ثم استقبل القوم رافعاً يديه يدعو ثم أناخ راحلته وأقبلوا يزحفون نحوه، فترامى الناس بالنبل، وكثرت المبارزة يومئذٍ بين الفريقين والنصر في ذلك لأصحاب الحسين لقوة بأسهم وأنهم مستميتون لا عاصم لهم إلا سيوفهم، فأرسل أصحاب ابن زياد يطلبون المدد فبعث إليهم ابن زياد نحواً من خمسمائة. دخل عليهم وقت الظهر، فقال الحسين مروهم فليكفوا عن القتال حتى نصلي، فقال رجل من أهل الكوفة: إنها لا تقبل منكم، فصلى الحسين بأصحابه الظهر صلاة الخوف، ثم اقتتلوا بعدها قتالاً شديداً، فتكاثر القوم حتى يصلوا إلى الحسين، فلما رأى أصحابه ذلك تنافسوا أن يقتلوا بين يديه، فقتل عبدالله بن مسلم بن عقيل، ثم قتل عون ومحمد ابنا عبدالله بن جعفر، ثم قتل عبدالرحمن وجعفر ابنا عقيل بن أبي طالب، ثم قتل القاسم بن الحسن بن علي بن أبي طالب، ثم قتل عبدالله والعباس وعثمان وجعفر ومحمد إخوان الحسين أبناء علي بن أبي طالب، حتى بقي الحسين لوحده ومكث نهاراً طويلاً وحده لا يأتي أحدٌ إليه إلا رجع عنه لا يحب أن يقتله هيبةً من مكانته من رسول الله صلى الله عليه وسلم, ثم أحاطوا به فجعل رجل يدعى شمّر يحرضهم على قتله، فرد آخر وما يمنعك أن تقتله أنت؟ فاستبا فجاء شمّر مع جماعة من أصحابه وأحاطوا به فحرضهم على قتله: اقتلوه ثكلتكم أمهاتكم، فضربه زرعة بن شريك على كتفه اليسرى، فجاء سنان بن أنس النخعي، وقيل شمر بن ذي الجوشن فطعنه بالرمح فوقع ثم نزل فذبحه وحز رأسه.
وأما قصة منع الماء وأنه مات عطشاناً وغير ذلك من الزيادات التي إنما تذكر لدغدغة المشاعر فلا يثبت منها شيء. وما ثبت يغني. ولا شك أنها قصة محزنة مؤلمة، وخاب وخسر من شارك في قتل الحسين ومن معه وباء بغضب من ربه. وللشهيد السعيد ومن معه الرحمة والرضوان من الله ومنا الدعاء والترضي.
جاءت الرواحل بالنساء والأطفال وأُدخلوا على ابن زياد، فدخلت زينب ابنة فاطمة فقال من هذه؟ فلم تكلمه، فقال بعض إمائها: هذه زينب بنت فاطمة، فقال ابن زياد: الحمد لله الذي فضحكم وقتلكم، فقالت: بل الحمد لله الذي أكرمنا بمحمد وطهرنا تطهيرا لا كما تقول، وإنما يفتضح الفاسق ويكذِب الفاجر. قال: كيف رأيتِ صنع الله بأهل بيتكم؟ فقالت: كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم، وسيجمع الله بينك وبينهم فيحاجونك إلى الله.
قال عبد الملك بن عمير: دخلت على ابن زياد وإذا رأس الحسين بن علي بين يديه على ترس، فوالله ما لبثت إلا قليلاً حتى دخلت على المختار بن أبي عبيد وإذا برأس ابن زياد بين يدي المختار على ترس.
وأما ما روي من أن السماء صارت تمطر دما، أو أن الجدر كان يكون عليها الدم، أو ما يرفع حجر إلا و يوجد تحته دم، أو ما يذبحون جزوراً إلا صار كله دماً فهذه كلها أكاذيب تذكر لإثارة العواطف ليس لها أسانيد صحيحة.
يقول ابن كثير عن ذلك: (وذكروا أيضا في مقتل الحسين رضي الله عنه أنه ما قلب حجر يومئذ إلا وجد تحته دم عبيط وأنه كسفت الشمس واحمر الأفق وسقطت حجارة وفي كل من ذلك نظر والظاهر أنه من سخف الشيعة وكذبهم ليعظموا الأمر ولا شك أنه عظيم ولكن لم يقع هذا الذي اختلقوه وكذبوه.
حكم خروج الحسين:
لم يكن في خروج الحسين رضي الله عنه مصلحة ولذلك نهاه كثير من الصحابة وحاولوا منعه ولكنه لم يرجع، و بهذا الخروج نال أولئك الظلمة الطغاة من سبط رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حتى قتلوه مظلوماً شهيداً. وكان في خروجه وقتله من الفساد ما لم يكن يحصل لو قعد في بلده، ولكنه أمر الله تبارك وتعالى وما قدره الله كان ولو لم يشأ الناس. وقتل الحسين ليس هو بأعظم من قتل الأنبياء وقد قُدّم رأس يحيى عليه السلام مهراً لبغي وقتل زكريا عليه السلام، وكثير من الأنبياء قتلوا كما قال تعالى: "قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين" آل عمران 183. وكذلك قتل عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين.
قال الحافظ ابن كثير: فكل مسلم ينبغي له أن يحزنه قتل الحسين رضي الله عنه، فإنه من سادات المسلمين، وعلماء الصحابة وابن بنت رسول الله التي هي أفضل بناته، وقد كان عابداً وسخياً، وقد كان أبوه أفضل منه فقتل، وهم لا يتخذون مقتله مأتماً كيوم مقتل الحسين، فان أباه قتل يوم الجمعة وهو خارج إلى صلاة الفجر في السابع عشر من رمضان سنة أربعين، وكذلك عثمان كان أفضل من علي عند أهل السنة والجماعة، وقد قتل وهو محصور في داره في أيام التشريق من شهر ذي الحجة سنة ست وثلاثين، وقد ذبح من الوريد إلى الوريد، ولم يتخذ الناس يوم قتله مأتماً، وكذلك عمر بن الخطاب وهو أفضل من عثمان وعلي، قتل وهو قائم يصلي في المحراب صلاة الفجر ويقرأ القرآن، ولم يتخذ الناس يوم قتله مأتماً، وكذلك الصديق كان أفضل منه ولم يتخذ الناس يوم وفاته مأتماً، ورسول الله سيد ولد آدم في الدنيا والآخرة، وقد قبضه الله إليه كما مات الأنبياء قبله، ولم يتخذ أحدٌ يوم موتهم مأتماً، ولا ذكر أحد أنه ظهر يوم موتهم وقبلهم شيء مما ادعاه هؤلاء يوم مقتل الحسين من الأمور المتقدمة، مثل كسوف الشمس والحمرة التي تطلع في السماء وغير ذلك. وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو سيد البشر في الدنيا والآخرة يوم مات لم يكن شيء مما ذكروه ويوم مات إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم خسفت الشمس فقال الناس خسفت لموت إبراهيم فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الكسوف وخطبهم وبين لهم أن الشمس والقمر لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته.)
أدرك الحسين من حياة النبي صلى الله عليه وسلم خمس سنين، فصحت له الصحبة إلى أن توفي وهو عنه راض، ثم كان الصديق، يكرمه ويعظمه، وكذلك عمر وعثمان، رضي الله عنهما، وصحب أباه وروى عنه، وكان معه في مغازيه كلها، وكان معظماً موقراً ولم يزل في طاعة أبيه حتى قتل، فلما آلت الخلافة إلى أخيه الحسن، وتنازل عنها لمعاوية لم يكن الحسين موافقاً لأخيه لكنه سكت وسلّم.
ولما توفي الحسن كان الحسين في الجيش الذي غزا القسطنطينية في زمن معاوية، ولما أخذت البيعة ليزيد بن معاوية في حياة معاوية امتنع الحسين من البيعة؛ لأنه كان يرى أن هناك من هو أحق بالخلافة والبيعة من يزيد.
لما بلغ أهل العراق أن الحسين لم يبايع يزيد بن معاوية سنة 60هـ أرسلوا إليه رسلا وكتبا بلغت كثر من خمسمائة يدعونه فيها إلى البيعة. فعند ذلك بعث الحسين ابن عمه مسلم بن عقيل بن أبي طالب إلى العراق؛ ليكشف له حقيقة الأمر، فإن كان أمراً حازماً محكماً بعث إليه ليركب في أهله وذويه.
فلما دخل مسلم الكوفة جاء أهلها إليه فبايعوه على إمرة الحسين، فاجتمع على بيعته من أهلها اثنا عشر ألفاً ثم تكاثروا حتى بلغوا ثمانية عشر ألفاً فكتب مسلم إلى الحسين؛ ليقدم عليها فقد تمت له البيعة، فتجهز رضي الله عنه خارجاً من مكة قاصداً الكوفة.
فانتشر الخبر فكتب أمير المؤمنين يزيد بن معاوية لعامله على الكوفة ابن زياد بأن يطلب مسلم بن عقيل ويقتله أو ينفيه عن البلد.
فسمع مسلم الخبر فركب فرسه واجتمع معه أربعة آلاف من أهل الكوفة وتوجه إلى قصر ابن زياد، فدخل ابن زياد القصر وأغلق عليه الباب، فأقبل أشراف وأمراء القبائل بترتيب من ابن زياد في تخذيل الناس عن عقيل ففعلوا، فجعلت المرأة تجيء إلى ابنها وأخيها وتقول له: "ارجع إلى البيت والناس يكفونك، كأنك غداً بجنود الشام قد أقبلت فماذا تصنع معهم؟" فتخاذل الناس حتى لم يبق معه إلا خمسمائة نفس، ثم تناقصوا حتى بقي معه ثلاثمائة، ثم تناقصوا حتى بقي معه ثلاثون رجلاً، فصلى بهم المغرب ثم انصرفوا عنه فلم يبق معه أحد، فذهب على وجهه واختلط عليه الظلام يتردد الطريق لا يدري أين يذهب، فاختبأ في خيمة، فعلموا بمكانه فأرسل ابن زياد سبعين فارساً فلم يشعر مسلم إلا وقد أحيط به فدخلوا عليه فقام إليهم بالسيف فأخرجهم ثلاث مرات. وأصيبت شفته العليا والسفلى ثم جعلوا يرمونه بالحجارة فخرج إليهم بسيفه فقاتلهم، فأعطاه أحدهم الأمان فأمكنه من يده وجاؤوا ببغلة فأركبوه عليها وسلبوا عنه سيفه، فالتفت إلى رجل يسمى محمد بن الأشعث فقال له: إن الحسين خرج اليوم إليكم فابعث إليه على لساني تأمره بالرجوع، ففعل ذلك ابن الأشعت، لكن الحسين لم يصدق ذلك.
فأتوا بمسلم بن عقيل فأُدخل على ابن زياد، فأمر بأن تضرب عنقه فأُصعد إلى أعلى القصر وهو يكبر ويهلل ويسبح ويستغفر، فقام رجل فضرب عنقه وألقى برأسه إلى أسفل القصر وأتبع رأسه بجسده. وكان قتله رضي الله عنه يوم التروية الثامن من ذي الحجة.
ثم إن ابن زياد قتل معه أناساً آخرين وبعث برؤوسهم إلى يزيد بن معاوية إلى الشام.
خرج الحسين من مكة قاصداً أرض العراق ولم يعلم بمقتل ابن عمه مسلم بن عقيل، وقبل خروجه استشار ابن عباس فقال له: لولا أن يزرى بي وبك الناس لشبثت يدي في رأسك فلم أتركك تذهب. فقال الحسين: لأن أُقتل في مكان كذا وكذا أحب إلي من أن أُقتل بمكة.
فلما كان من العشي جاء ابن عباس إلى الحسين مرة أخرى فقال له يا ابن عم! إني أتصبر ولا أصبر إني أتخوف عليك في هذا الوجه الهلاك، إن أهل العراق قوم غدر فلا تغتر بهم، أقم في هذا البلد وإلا فسر إلى اليمن فإن به حصوناً وشعاباً وكن عن الناس في معزل، فقال الحسين: يا ابن عم! والله إني لأعلم أنك ناصح شفيق، ولكني قد أزمعت المسير. فقال له: فإن كنت ولا بد سائراً فلا تسر بأولادك ونساءك، فوالله إني لخائف أن تقتل كما قتل عثمان ونساؤه وولده ينظرون إليه.
وكان ابن عمر بمكة فبلغه أن الحسين قد توجه إلى العراق فلحقه على مسيرة ثلاث ليال فقال له: أين تريد؟ قال: العراق، وهذه كتبهم ورسائلهم وبيعتهم، فقال ابن عمر: لا تأتهم، فأبى، فقال له: إني محدثك حديثاً، إن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فخيره بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة ولم يرد الدنيا، وإنك بضعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله ما يليها أحد منكم أبداً، وما صرفها الله عنكم إلا للذي هو خير لكم، فأبى أن يرجع، فاعتنقه ابن عمر وبكى وقال: أستودعك الله من قتيل.
وقال عبد الله بن الزبير له: ( أين تذهب؟ إلى قوم قتلوا أباك وطعنوا أخاك؟) وقال عبد الله بن عمرو بن العاص: (عجّل الحسين قدره، والله لو أدركته ما تركته يخرج إلا أن يغلبني). (رواه يحيى بن معين بسند صحيح).
فخرج متوجهاً إليهم في أهل بيته وستون شخصاً من أهل الكوفة، وذلك يوم الاثنين العاشر من ذي الحجة. يقال أن الحسين لقي الفرزدق في الطريق فسلم عليه وسأله عن أمر الناس وما وراءه فقال له: قلوب الناس معك وسيوفهم مع بني أمية. ثم أقبل الحسين يسير نحو الكوفة ولا يعلم بشيء مما وقع من قتل ابن عمه مسلم بن عقيل وغيرها من الأخبار، وكان لا يمر بماء من مياه العرب إلا اتبعوه. وجاء الحسين خبر مسلم بن عقيل عن طريق الذي أرسله مسلم، فانطلق الحسين يسير نحو طريق الشام نحو يزيد، فوصل كربلاء، فقال: ما اسم هذه الأرض؟ فقالوا له: كربلاء، فقال: كرب وبلاء. فلما كان وقت السحر قال لغلمانه: استقوا من الماء وأكثروا، فأقبلت عليهم خيول ابن زياد بقيادة عمرو بن سعد وشمر بن ذي الجوشن وحصين بن تميم والحرّ بن يزيد وكانوا ألف فارس، والحسين وأصحابه معتمون متقلدون سيوفهم، فأمر الحسين أصحابه أن يترووا من الماء ويسقوا خيولهم وأن يسقوا خيول أعدائهم أيضاً.
فنزل يناشدهم الله والإسلام أن يختاروا إحدى ثلاث: أن يسيِّروه إلى أمير المؤمنين (يزيد) فيضع يده في يده (لأنه يعلم أنه لا يحب قتله) أو أن ينصرف من حيث جاء (إلى المدينة) أو يلحق بثغر من ثغور المسلمين حتى يتوفاه الله. (رواه ابن جرير من طريق حسن). فقالوا: لا، إلا على حكم عبيد الله بن زياد. قال: الحر بن يزيد:ألا تقبلوا من هؤلاء ما يعرضون عليكم ؟والله لو سألكم هذا الترك والديلم ما حلَّ لكم أن تردوه. فأبوا إلا على حكم ابن زياد. فصرف الحر وجه فرسه، وانطلق إلى الحسين وأصحابه، فظنوا أنه إنما جاء ليقاتلهم، فلما دنا منهم قلب ترسه وسلّم عليهم، فكان معهم.
فلما دخل وقت الظهر أمر الحسين رجلاً فأذن ثم خرج في إزار ورداء ونعلين، فخطب الناس من أصحابه وأعدائه واعتذر إليهم مجيئه هذا، ولكن قد كتب له أهل الكوفة أنهم ليس لهم إمام، ثم أقيمت الصلاة فقال الحسين للحرّ بن يزيد تريد أن تصلي بأصحابك؟ قال لا! ولكن صل أنت فصلى الحسين بالجميع ثم دخل خيمته حتى العصر فخرج وصلى بهم، فسأله الحرّ عن هذه الرسائل التي أرسلت له فأحضر له الحسين كتباً كثيرة فنثرها بين يديه وقرأ منها طائفة، فقال الحرّ: لسنا من هؤلاء الذين كتبوا لك في شيء، وقد أُمرنا إذا نحن لقيناك أن لا نفارقك حتى نقدمك على ابن زياد فقال الحسين الموت أدنى من ذلك. فقال له الحرّ فإني أشهد لئن قاتلت لتقتلنّ، فقال الحسين: أفبالموت تخوفني؟:
سأمضي وما بالموت عارٌ على الفتى إذا ما نوى حقاً وجاهد مسلما
وآسى الرجـال الصـالحين بنفسـه وفارق خوفاً أن يعيش ويرغما
ثم كرّ الحر على أصحاب ابن زياد فقاتلهم، فقتل منهم رجلين ثم قتل رحمة الله عليه (ابن جرير بسند حسن).عندها تزاحف الفريقان بعد صلاة العصر، والحسين جالس أمام خيمته محتبياً بسيفه ونعس فخفق برأسه وسمعت أخته الضجة فأيقظته، فرجع برأسه كما هو وقال: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فقال لي: (إنك تروح إلينا). فتقدم عشرون فارساً من جيش ابن زياد فقالوا لهم: جاء أمر الأمير أن تأتوا على حكمه أو نقاتلكم. فقال أصحاب الحسين: بئس القوم أنتم تريدون قتل ذرية نبيكم وخيار الناس في زمانهم؟ فقال الحسين: ارجعوا لننظر أمرنا الليلة وكان يريد أن يستزيد تلك الليلة من الصلاة والدعاء والاستغفار، وقال: قد علم الله مني أني أحب الصلاة له وتلاوة كتابه والاستغفار والدعاء، وأوصى أهله تلك الليلة، وخطب أصحابه في أول الليل، فحمد الله وأثنى عليه وقال لأصحابه: من أحب أن ينصرف إلى أهله في ليلته هذه فقد أذنت له، فإن القوم إنما يريدونني، فاذهبوا حتى يفرج الله عز وجل فقال له إخوته وأبناؤه وبنو أخيه: لا بقاء لنا بعدك، ولا أرانا الله فيك ما نكره فقال الحسين: يا بني عقيل حسبكم بمسلم أخيكم، اذهبوا فقد أذنت لكم، قالوا: فما تقول الناس أنا تركنا شيخنا وسيدنا وبني عمومتنا، لم نرم معهم بسهم ولم نطعن معهم برمح ولم نضرب معهم بسيف رغبة في الحياة الدنيا , لا والله لا نفعل، ولكن نفديك بأنفسنا وأموالنا وأهلينا، ونقاتل معك حتى نرد موردك، فقبح الله العيش بعدك.
وبات الحسين وأصحابه طول ليلهم يصلّون ويستغفرون ويدعون ويتضرعون، وخيول حرس عدوهم تدور من ورائهم. فلما أذن الصبح صلى رضي الله عنه بأصحابه صلاة الفجر وكانوا اثنين وثلاثين فارساً وأربعين راجلاً، وأعطى رايته أخاه العباس، وجعلوا الخيام التي فيها النساء والذرية وراء ظهورهم، فدخل الحسين خيمته فاغتسل وتطيب بالمسك ثم ركب فرسه وأخذ مصحفاً ووضعه بين يديه ثم استقبل القوم رافعاً يديه يدعو ثم أناخ راحلته وأقبلوا يزحفون نحوه، فترامى الناس بالنبل، وكثرت المبارزة يومئذٍ بين الفريقين والنصر في ذلك لأصحاب الحسين لقوة بأسهم وأنهم مستميتون لا عاصم لهم إلا سيوفهم، فأرسل أصحاب ابن زياد يطلبون المدد فبعث إليهم ابن زياد نحواً من خمسمائة. دخل عليهم وقت الظهر، فقال الحسين مروهم فليكفوا عن القتال حتى نصلي، فقال رجل من أهل الكوفة: إنها لا تقبل منكم، فصلى الحسين بأصحابه الظهر صلاة الخوف، ثم اقتتلوا بعدها قتالاً شديداً، فتكاثر القوم حتى يصلوا إلى الحسين، فلما رأى أصحابه ذلك تنافسوا أن يقتلوا بين يديه، فقتل عبدالله بن مسلم بن عقيل، ثم قتل عون ومحمد ابنا عبدالله بن جعفر، ثم قتل عبدالرحمن وجعفر ابنا عقيل بن أبي طالب، ثم قتل القاسم بن الحسن بن علي بن أبي طالب، ثم قتل عبدالله والعباس وعثمان وجعفر ومحمد إخوان الحسين أبناء علي بن أبي طالب، حتى بقي الحسين لوحده ومكث نهاراً طويلاً وحده لا يأتي أحدٌ إليه إلا رجع عنه لا يحب أن يقتله هيبةً من مكانته من رسول الله صلى الله عليه وسلم, ثم أحاطوا به فجعل رجل يدعى شمّر يحرضهم على قتله، فرد آخر وما يمنعك أن تقتله أنت؟ فاستبا فجاء شمّر مع جماعة من أصحابه وأحاطوا به فحرضهم على قتله: اقتلوه ثكلتكم أمهاتكم، فضربه زرعة بن شريك على كتفه اليسرى، فجاء سنان بن أنس النخعي، وقيل شمر بن ذي الجوشن فطعنه بالرمح فوقع ثم نزل فذبحه وحز رأسه.
وأما قصة منع الماء وأنه مات عطشاناً وغير ذلك من الزيادات التي إنما تذكر لدغدغة المشاعر فلا يثبت منها شيء. وما ثبت يغني. ولا شك أنها قصة محزنة مؤلمة، وخاب وخسر من شارك في قتل الحسين ومن معه وباء بغضب من ربه. وللشهيد السعيد ومن معه الرحمة والرضوان من الله ومنا الدعاء والترضي.
جاءت الرواحل بالنساء والأطفال وأُدخلوا على ابن زياد، فدخلت زينب ابنة فاطمة فقال من هذه؟ فلم تكلمه، فقال بعض إمائها: هذه زينب بنت فاطمة، فقال ابن زياد: الحمد لله الذي فضحكم وقتلكم، فقالت: بل الحمد لله الذي أكرمنا بمحمد وطهرنا تطهيرا لا كما تقول، وإنما يفتضح الفاسق ويكذِب الفاجر. قال: كيف رأيتِ صنع الله بأهل بيتكم؟ فقالت: كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم، وسيجمع الله بينك وبينهم فيحاجونك إلى الله.
قال عبد الملك بن عمير: دخلت على ابن زياد وإذا رأس الحسين بن علي بين يديه على ترس، فوالله ما لبثت إلا قليلاً حتى دخلت على المختار بن أبي عبيد وإذا برأس ابن زياد بين يدي المختار على ترس.
وأما ما روي من أن السماء صارت تمطر دما، أو أن الجدر كان يكون عليها الدم، أو ما يرفع حجر إلا و يوجد تحته دم، أو ما يذبحون جزوراً إلا صار كله دماً فهذه كلها أكاذيب تذكر لإثارة العواطف ليس لها أسانيد صحيحة.
يقول ابن كثير عن ذلك: (وذكروا أيضا في مقتل الحسين رضي الله عنه أنه ما قلب حجر يومئذ إلا وجد تحته دم عبيط وأنه كسفت الشمس واحمر الأفق وسقطت حجارة وفي كل من ذلك نظر والظاهر أنه من سخف الشيعة وكذبهم ليعظموا الأمر ولا شك أنه عظيم ولكن لم يقع هذا الذي اختلقوه وكذبوه.
حكم خروج الحسين:
لم يكن في خروج الحسين رضي الله عنه مصلحة ولذلك نهاه كثير من الصحابة وحاولوا منعه ولكنه لم يرجع، و بهذا الخروج نال أولئك الظلمة الطغاة من سبط رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حتى قتلوه مظلوماً شهيداً. وكان في خروجه وقتله من الفساد ما لم يكن يحصل لو قعد في بلده، ولكنه أمر الله تبارك وتعالى وما قدره الله كان ولو لم يشأ الناس. وقتل الحسين ليس هو بأعظم من قتل الأنبياء وقد قُدّم رأس يحيى عليه السلام مهراً لبغي وقتل زكريا عليه السلام، وكثير من الأنبياء قتلوا كما قال تعالى: "قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين" آل عمران 183. وكذلك قتل عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين.
قال الحافظ ابن كثير: فكل مسلم ينبغي له أن يحزنه قتل الحسين رضي الله عنه، فإنه من سادات المسلمين، وعلماء الصحابة وابن بنت رسول الله التي هي أفضل بناته، وقد كان عابداً وسخياً، وقد كان أبوه أفضل منه فقتل، وهم لا يتخذون مقتله مأتماً كيوم مقتل الحسين، فان أباه قتل يوم الجمعة وهو خارج إلى صلاة الفجر في السابع عشر من رمضان سنة أربعين، وكذلك عثمان كان أفضل من علي عند أهل السنة والجماعة، وقد قتل وهو محصور في داره في أيام التشريق من شهر ذي الحجة سنة ست وثلاثين، وقد ذبح من الوريد إلى الوريد، ولم يتخذ الناس يوم قتله مأتماً، وكذلك عمر بن الخطاب وهو أفضل من عثمان وعلي، قتل وهو قائم يصلي في المحراب صلاة الفجر ويقرأ القرآن، ولم يتخذ الناس يوم قتله مأتماً، وكذلك الصديق كان أفضل منه ولم يتخذ الناس يوم وفاته مأتماً، ورسول الله سيد ولد آدم في الدنيا والآخرة، وقد قبضه الله إليه كما مات الأنبياء قبله، ولم يتخذ أحدٌ يوم موتهم مأتماً، ولا ذكر أحد أنه ظهر يوم موتهم وقبلهم شيء مما ادعاه هؤلاء يوم مقتل الحسين من الأمور المتقدمة، مثل كسوف الشمس والحمرة التي تطلع في السماء وغير ذلك. وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو سيد البشر في الدنيا والآخرة يوم مات لم يكن شيء مما ذكروه ويوم مات إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم خسفت الشمس فقال الناس خسفت لموت إبراهيم فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الكسوف وخطبهم وبين لهم أن الشمس والقمر لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته.)
forum_live- مراقب عام
- عدد الرسائل : 649
العمر : 44
مزاج اية :
علم بلدك :
مهنتك اية :
هوياتك :
الفاعليه :
احترامك لقوانين المنتدى :
الاوسمة :
السٌّمعَة : 0
نقاط : 6298
تاريخ التسجيل : 25/09/2007
رد: °^°¤§©¤ قصة الحسن والحسين °^°¤§©¤
ما موقفنا:
لا يجوز لمن يخاف الله إذا تذكر قتل الحسين ومن معه رضي الله عنهم أن يلطم الخدود ويشق الجيوب والنوح وما شابه ذلك، فقد ثبت عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: ( ليس منا من لطم الخدود و شق الجيوب) (أخرجه البخاري) وقال: (أنا بريء من الصالقة والحالقة والشاقة). أخرجه مسلم. والصالقة هي التي تصيح بصوت مرتفع. وقال: ( إن النائحة إذا لم تتب فإنها تلبس يوم القيامة درعاً من جرب و سربالاً من قطران) أخرجه مسلم. و قال ( أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر في الأحساب و الطعن في الأنساب و الاستسقاء بالنجوم و النياحة). و قال ( اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب و النياحة على الميت) رواه مسلم. و قال ( النياحة من أمر الجاهلية و إن النائحة إذا ماتت و لم تتب قطع الله لها ثيابا من قطران و درعاً من لهب النار) رواه ابن ماجة.
*والواجب على المسلم العاقل إذا تذكر مثل هذه المصائب أن يقول كما أمر الله "الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون". و ما علم أن علي بن الحسين أو ابنه محمداً أو ابنه جعفراً أو موسى بن جعفر رضي الله عنهم ما عرف عنهم ولا عن غيرهم من أئمة الهدى أنهم لطموا أو شقوا أو صاحوا فهؤلاء هم قدوتنا
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم إن التشبه بالكرام فلاح.
إنّ النياحة واللطم وما أشبهها من أمور ليست عبادة وشعائر يتقرب بها العبد إلى الله، وما يُذكر عن فضل البكاء في عاشوراء غير صحيح، إنما النياحة واللطم أمر من أمور الجاهلية التي نهى النبي عليه الصلاة والسلام عنها وأمر باجتنابها.
فما يفعله الشيعة اليوم من إقامة حسينيات أو مآتم أو لطم ونياحة وبكاء في حقيقتها بدع وضلالات لا تمت لمنهج أهل البيت ولا لعقيدة الإسلام بأي صلة، وإذا كان الشيعة يرددون عبارة ( حلال محمد حلال إلى يوم القيامة، وحرام محمد حرام إلى يوم القيامة ) فأين هذه العبارة من التطبيق حين يجعلون أموراً من الجاهلية التي نهى محمد عليه الصلاة والسلام عنها شعائر لدين الإسلام ولأهل البيت!! والطامة الكبرى أن تجد كثيراً من مشايخ الشيعة بل من مراجعهم الكبار يستدلون بقوله تعالى { ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب } على ما يُفعل في عاشوراء من نياحة ولطم وسب وشتم لخلق الله ولصحابة رسول الله ويعتبرون هذا من شعائر الله التي ينبغي أن تُعظم ومن شعائر الله التي تزداد بها التقوى !!!
كيف تجاهل علماء الشيعة الروايات الواضحة في بيان فضل صيام عاشوراء بل وبالمقابل اتهموا أهل السنة مراراً وتكراراً بأنهم حزب بني أمية وأنهم استحدثوا صيام هذا اليوم احتفالاً بمقتل الحسين - عياذاً بالله من ذلك - مع اتفاق أحاديث السنة والشيعة على فضل صيام هذا اليوم وأنّ نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم صامه !!!
ألذي يصوم يوم عاشوراء ويحييه بالذكر والقرآن والعبادة يحتفل ويفرح بمقتل الحسين أم من يوزع اللحم والطعام والشراب على الناس في هذا اليوم ويحيي الليل بإنشاد القصائد؟!! أليس هذا تناقضاً ؟ وما اتهام أهل السنة بالفرح بموت الحسين والادعاء بأنّ صيامهم ليوم عاشوراء نكاية بالحسين وبأهل البيت ليس إلا دعاية مذهبية للتنفير منهم ومن مذهبهم وإبرازهم كعدو لأهل البيت دون وجه حق؟!!
forum_live- مراقب عام
- عدد الرسائل : 649
العمر : 44
مزاج اية :
علم بلدك :
مهنتك اية :
هوياتك :
الفاعليه :
احترامك لقوانين المنتدى :
الاوسمة :
السٌّمعَة : 0
نقاط : 6298
تاريخ التسجيل : 25/09/2007
رد: °^°¤§©¤ قصة الحسن والحسين °^°¤§©¤
السؤال | |
أريد أن أعرف كيف قتل الحسن والحسين ابنا علي رضي الله عنهم، وأين تم دفنهما، وأي مرجع أستفيد منه؟ جزاكم الله كل خير. |
الفتوى | |
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فهذه نبذة مختصرة عن الحسن والحسين -سيدي شباب أهل الجنة ابني الخليفة الراشد علي رضي الله عنه، وابني فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدة نساء الجنة، فأما الحسن فهو الحسن بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف الهاشمي سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته أمير المؤمنين أبو محمد ولد في نصف شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة قاله ابن سعد وابن البرقي وغير واحد، وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث حفظها عنه منها ما في السنن الأربع، قال علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر وذكر دعاء القنوت المشهور الذي أوله اللهم اهدنا في من هديت.... واختلف في سنة وفاته فنقل ابن حجر عن الواقدي أنه مات سنة تسع وأربعين، وقال المدائني مات سنة خمسين، وقيل سنة إحدى وخمسين، وقال الهيثم بن عدي سنة أربع وأربعين، وقال بن منده مات سنة تسع وأربعين، وقيل خمسين وقيل سنة ثمان وخمسين، ويقال إنه مات مسموماً، قال ابن سعد أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم أخبرنا بن عون عن عمير بن إسحاق دخلت أنا وصاحب لي على الحسن بن علي فقال: لقد لفظت طائفة من كبدي وإني قد سقيت السم مراراً فلم أسق مثل هذا، فأتاه الحسين بن علي فسأله من سقاك فأبى أن يخبره رحمه الله تعالى. انتهى، ودفن في البقيع رضي الله عنه. وأما الحسين فهو الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي أبو عبد الله سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته، قال الزبير وغيره ولد في شعبان سنة أربع وقد حفظ الحسين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وروى عنه أحاديث منها ما رواه ابن ماجه وأبو يعلى عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من مسلم تصيبه مصيبة وإن قدم عهدها فيحدث لها استرجاعاً إلا أعطاه الله ثواب ذلك. لكن في إسناده ضعف كما قاله الحافظ ابن حجر رحمه الله، وقد قتل الحسين يوم عاشوراء سنة إحدى وستين، كذا قال الجمهور وشذ من قال غير ذلك، ودفن في كربلاء رضي الله عنه. وللحسن والحسين فضائل كثيرة منها ما هو لهما ومنها ما هو لأحدهما، وقد صحت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهناك أشياء ضعيفة وموضوعة ولذلك قال الحافظ ابن حجر وقد صنف جماعة من القدماء في مقتل الحسين تصانيف فيها الغث والسمين والصحيح والسقيم وفي هذه القصة التي سقتها غنى، ولذا ننصح الأخ السائل وغيره بالرجوع إلى الإصابة لابن حجر العسقلاني وأن يقرأ ترجمة الحسن والحسين منها، وفيما ذكره كفاية ولله الحمد. وهذه نبذة من فضائلهما فقد روى الترمذي وحسنه من حديث أسامة بن زيد قال: طرقت النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الحاجة فقال: هذان ابناي وابنا ابنتي اللهم إني أحبهما فأحبهما وأحب من يحبهما. وفي الترمذي أيضاً من حديث بريدة قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إذ جاء الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران فنزل من المنبر فحملهما ووضعهما بين يديه... الحديث. وفي البخاري عن أسامة كان النبي صلى الله عليه وسلم يجلسني والحسن بن علي فيقول: اللهم إني أحبهما فأحبهما. وعند أحمد من طريق زهير بن الأقمر بينما الحسن بن علي يخطب بعدما قتل علي إذ قام رجل من الأزد آدم طوال فقال: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واضعه في حبوته يقول: من أحبني فليحبه، فليبلغ الشاهد الغائب. ومن طريق عبد الرحمن بن مسعود عن أبي هريرة قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه الحسن والحسين هذا على عاتقه وهذا على عاتقه وهو يلثم -أي يقبل- هذا مرة وهذا مرة حتى انتهى إلينا، فقال: من أحبهما فقد أحبني ومن أبغضهما فقد أبغضني. وعند أبي يعلى من طريق عاصم بن زر عن عبد الله: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فإذا سجد وثب الحسن والحسين على ظهره فإذا أرادوا أن يمنعوهما أشار إليهم أن دعوهما، فإذا قضى الصلاة وضعهما في حجره، فقال: من أحبني فليحب هذين. وله شاهد في السنن وصحيح ابن خزيمة عن بريدة وفي معجم البغوي نحوه بسند صحيح عن شداد بن الهاد، وفي المسند من حديث أم سلمة قالت: دخل علي وفاطمة ومعهما الحسن والحسين فوضعهما في حجره فقبلهما واعتنق عليا بإحدى يديه وفاطمة بالأخرى فجعل عليهم خميصة سوداء، فقال: اللهم إليك لا إلى النار، وله طرق في بعضها كساء. وأصله في مسلم، ومن حديث حذيفة رفعه: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة. وله طرق أيضا وفي الباب عن علي وجابر وبريدة وأبي سعيد، وفي البخاري عن أبي بكر: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر والحسن بن علي معه وهو يقبل على الناس مرة وعليه مرة ويقول إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين.، وقد صح عن إبراهيم النخعي أنه كان يقول: لو كنت في من قاتل الحسين ثم أدخلت الجنة لاستحييت أن أنظر إلى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي صحيح البخاري عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال عن الحسن والحسين: هما ريحانتاي من الدنيا. رضي الله عنهما وأرضاهما. والله أعلم. |
forum_live- مراقب عام
- عدد الرسائل : 649
العمر : 44
مزاج اية :
علم بلدك :
مهنتك اية :
هوياتك :
الفاعليه :
احترامك لقوانين المنتدى :
الاوسمة :
السٌّمعَة : 0
نقاط : 6298
تاريخ التسجيل : 25/09/2007
رد: °^°¤§©¤ قصة الحسن والحسين °^°¤§©¤
الحسين بن عليّ بن أبي طالب
الإبن الثاني لفاطمة الزهراء، ولد بالمدينة ونشأ في بيت النبوة وكنيته أبو عبد الله...
حُبَّ الرسول له
قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (حُسين مني وأنا مِنْ حُسين، أحَبَّ الله تعالى مَن أحبَّ حُسيناً، حُسينٌ سِبْطٌ من الأسباط)... كما قال الرسول الكريم: (اللهم إني أحبه فأحبّه)...
وعن أبي أيوب الأنصاري قال: دخلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والحسن والحسين يلعبان بين يديه وفي حِجْره، فقلت: (يا رسول الله أتحبُّهُما)... قال: (وكيف لا أحبُّهُما وهما ريحانتاي من الدنيا أشمُّهُما؟!)... وقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (من أراد أن ينظر إلى سيّد شباب أهل الجنة، فلينظر الى الحسين بن عليّ)...
كما قالت زينب بنت أبي رافع: رأيت فاطمة بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أتت بابنيها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في شكواه الذي توفي فيه فقالت: (يا رسول الله! هذان ابناك فورّثْهُما)... فقال: (أما حسنٌ فإن له هيبتي وسؤددي، وأما حسين فإن له جرأتي وجودي)...
فضله
مرَّ الحسيـن -رضي اللـه عنه- يوماً بمساكين يأكلون في الصّفّة، فقالوا: (الغـداء)... فنزل وقال: (إن اللـه لا يحب المتكبريـن)... فتغدى ثم قال لهم: (قد أجبتكم فأجيبوني)... قالوا: (نعم)... فمضى بهم الى منزله فقال لرّباب: (أخرجي ما كنت تدخرين)...
الحسن والحسين
جرى بين الحسـن بن علي وأخيه الحسيـن كلام حتى تهاجرا، فلمّا أتى على الحسـن ثلاثة أيام، تأثم من هجر أخيه، فأقبل إلى الحسيـن وهو جالس، فأكبّ على رأسه فقبله، فلمّا جلس الحسـن قال له الحسيـن: (إن الذي منعني من ابتدائك والقيام إليك أنك أحقُّ بالفضل مني، فكرهت أن أنازِعَكَ ما أنت أحقّ به)...
البيعة
توفي معاوية نصف رجب سنة ستين، وبايع الناس يزيد، فكتب يزيد للوليد مع عبد الله بن عمرو بن أويس العامري، وهو على المدينة: (أن ادعُ الناس، فبايعهـم وابدأ بوجوه قريـش، وليكن أول من تبدأ به الحسيـن بن عليّ، فإن أمير المؤمنين رحمه اللـه عهد إليّ في أمره للرفق به واستصلاحه)...
فبعث الوليد من ساعته نصف الليل الى الحسين بن علي، وعبد الله بن الزبير، فأخبرهما بوفاة معاوية، ودعاهما الى البيعة ليزيد، فقالا: (نصبح وننظر ما يصنع الناس)...
ووثب الحسين فخرج وخرج معه ابن الزبير، وهو يقول: (هو يزيد الذي نعرف، والله ما حدث له حزم ولا مروءة)... وقد كان الوليد أغلظ للحسين فشتمـه الحسين وأخذ بعمامته فنزعها من رأسـه، فقال الوليد: (إن هجنَا بأبي عبـد الله إلا أسداً)... فقال له مروان أو بعض جلسائه: (اقتله)... قال: (إن ذلك لدم مضنون في بني عبد مناف)...
من المدينة الى مكة
وخرج الحسين وابن الزبير من ليلتهما الى مكة، وأصبح الناس فغدوا على البيعة ليزيد، وطُلِبَ الحسين وابن الزبير فلم يوجدا، فقدِما مكة، فنزل الحسين دار العباس بن عبد المطلب، ولزم الزبير الحِجْرَ، ولبس المغافريَّ وجعل يُحرِّض الناس على بني أمية، وكان يغدو ويروح الى الحسين، ويشير عليه أن يقدم العراق ويقول: (هم شيعتك وشيعة أبيك)...
الخروج الى العراق
بلغ ابـن عمـر -رضي اللـه عنه- أن الحسيـن بن علـيّ قد توجّه الى العـراق، فلحقه على مسيـرة ثلاث ليال، فقـال لـه: (أيـن تريد؟)... فقال: (العراق)... وإذا معه طوامير كتب، فقال: (هذه كتبهم وبيعتهم)... فقال: (لا تأتِهم)... فأبى.
قال ابن عمر: (إنّي محدّثك حديثاً: إن جبريل أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فخيّره بين الدنيا والآخرة، فاختار الآخرة ولم يردِ الدنيا، وإنكم بضعة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والله لا يليها أحد منكم أبداً، وما صرفها الله عنكم إلاّ للذي هو خير)... فأبى أن يرجع، فاعتنقه ابن عمر وبكى وقال: (استودِعُكَ الله من قتيل)...
وقال ابن عباس -رضي الله عنه- للحسين: (أين تريد يا بن فاطمة؟)... قال: (العراق و شيعتي)... فقال: (إنّي لكارهٌ لوجهك هذا، تخرج الى قوم قتلوا أباك، وطعنوا أخاك حتى تركهم سَخْطةً ومَلّة لهم، أذكرك الله أن لا تغرّر بنفسك)...
وقال أبو سعيد الخدري: (غلبني الحسين بن عليّ على الخروج، وقد قُلت له: اتّق الله في نفسك، والزم بيتك، فلا تخرج على إمامك)...
وكتبـت له عمـرة بنت عبـد الرحمن تعظـم عليه ما يريد أن يصنع، وتأمره بالطاعـة ولزوم الجماعة، وتخبره إنه إنما يُساق إلى مصـرعه وتقول: (أشهد لحدّثتني عائشة أنها سمعت رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- يقول: (يُقتل حسينٌ بأرض بابل)... فلمّا قرأ كتابها قال: (فلابدّ لي إذاً من مصرعي)... ومضى...
مقتله
وبلغ يزيد خروج الحسين -رضي الله عنه-، فكتب الى عبيد الله بن زياد عامله على العراق يأمره بمحاربته وحمله إليه، إن ظفر به، فوجّه عُبيد الله الجيش مع عمر بن سعيد بن أبي وقاص، وعدل الحسين الى (كربلاء)، فلقيه عمر بن سعيد هناك، فاقتتلوا، فقُتِلَ الحسين رضوان الله عليه ورحمته وبركاته في يوم عاشوراء، العاشر من محرم سنة إحدى وستين...
السماء تبكي
قال ابن سيرين: (لم تبكِ السماء على أحد بعد يحيى بن زكريا إلا على الحسين بن عليّ)... وعن خلف بن خليفة عن أبيه قال: (لمّا قُتِلَ الحسين اسودت السماء، وظهرت الكواكب نهاراً، حتى رأيت الجوزاء عند العصر وسقط التراب الأحمر)...
وقالت أم خلاّد: (كنّا زماناً بعد مقتل الحسين، وإن الشمس تطلع محمَّرة على الحيطان والجُدر بالغداة والعشيّ)... وكانوا لا يرفعون حجراً إلاّ يوجد تحته دمٌ!!...
الرؤى
استيقظ ابن عباس من نومه، فاسترجع وقال: (قُتِلَ الحسين والله)... فقال له أصحابه: (كلا يا ابن عباس، كلا)... قال: رأيت رسول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- ومعه زجاجة من دم فقال: (ألا تعلم ما صنعت أمتي من بعـدي؟ قتلوا ابني الحسيـن، وهذا دمه ودم أصحابه، أرفعها الى اللـه عزّ وجلّ)...
فكتب ذلك اليوم الذي قال فيه، وتلك الساعة، فما لبثوا إلاّ أربعة وعشرين يوماً حتى جاءهم الخبر بالمدينة أنه قُتِل ذلك اليوم وتلك الساعة!!...
الدفن
وقد نقل رأسه ونساؤه وأطفاله إلى (يزيد) بدمشق، واختُلفَ في الموضع الذي دُفِنَ فيه الرأس، فقيل في دمشق، وقيل في كربلاء مع الجثة، وقيل في مكان آخر...
الإبن الثاني لفاطمة الزهراء، ولد بالمدينة ونشأ في بيت النبوة وكنيته أبو عبد الله...
حُبَّ الرسول له
قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (حُسين مني وأنا مِنْ حُسين، أحَبَّ الله تعالى مَن أحبَّ حُسيناً، حُسينٌ سِبْطٌ من الأسباط)... كما قال الرسول الكريم: (اللهم إني أحبه فأحبّه)...
وعن أبي أيوب الأنصاري قال: دخلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والحسن والحسين يلعبان بين يديه وفي حِجْره، فقلت: (يا رسول الله أتحبُّهُما)... قال: (وكيف لا أحبُّهُما وهما ريحانتاي من الدنيا أشمُّهُما؟!)... وقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (من أراد أن ينظر إلى سيّد شباب أهل الجنة، فلينظر الى الحسين بن عليّ)...
كما قالت زينب بنت أبي رافع: رأيت فاطمة بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أتت بابنيها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في شكواه الذي توفي فيه فقالت: (يا رسول الله! هذان ابناك فورّثْهُما)... فقال: (أما حسنٌ فإن له هيبتي وسؤددي، وأما حسين فإن له جرأتي وجودي)...
فضله
مرَّ الحسيـن -رضي اللـه عنه- يوماً بمساكين يأكلون في الصّفّة، فقالوا: (الغـداء)... فنزل وقال: (إن اللـه لا يحب المتكبريـن)... فتغدى ثم قال لهم: (قد أجبتكم فأجيبوني)... قالوا: (نعم)... فمضى بهم الى منزله فقال لرّباب: (أخرجي ما كنت تدخرين)...
الحسن والحسين
جرى بين الحسـن بن علي وأخيه الحسيـن كلام حتى تهاجرا، فلمّا أتى على الحسـن ثلاثة أيام، تأثم من هجر أخيه، فأقبل إلى الحسيـن وهو جالس، فأكبّ على رأسه فقبله، فلمّا جلس الحسـن قال له الحسيـن: (إن الذي منعني من ابتدائك والقيام إليك أنك أحقُّ بالفضل مني، فكرهت أن أنازِعَكَ ما أنت أحقّ به)...
البيعة
توفي معاوية نصف رجب سنة ستين، وبايع الناس يزيد، فكتب يزيد للوليد مع عبد الله بن عمرو بن أويس العامري، وهو على المدينة: (أن ادعُ الناس، فبايعهـم وابدأ بوجوه قريـش، وليكن أول من تبدأ به الحسيـن بن عليّ، فإن أمير المؤمنين رحمه اللـه عهد إليّ في أمره للرفق به واستصلاحه)...
فبعث الوليد من ساعته نصف الليل الى الحسين بن علي، وعبد الله بن الزبير، فأخبرهما بوفاة معاوية، ودعاهما الى البيعة ليزيد، فقالا: (نصبح وننظر ما يصنع الناس)...
ووثب الحسين فخرج وخرج معه ابن الزبير، وهو يقول: (هو يزيد الذي نعرف، والله ما حدث له حزم ولا مروءة)... وقد كان الوليد أغلظ للحسين فشتمـه الحسين وأخذ بعمامته فنزعها من رأسـه، فقال الوليد: (إن هجنَا بأبي عبـد الله إلا أسداً)... فقال له مروان أو بعض جلسائه: (اقتله)... قال: (إن ذلك لدم مضنون في بني عبد مناف)...
من المدينة الى مكة
وخرج الحسين وابن الزبير من ليلتهما الى مكة، وأصبح الناس فغدوا على البيعة ليزيد، وطُلِبَ الحسين وابن الزبير فلم يوجدا، فقدِما مكة، فنزل الحسين دار العباس بن عبد المطلب، ولزم الزبير الحِجْرَ، ولبس المغافريَّ وجعل يُحرِّض الناس على بني أمية، وكان يغدو ويروح الى الحسين، ويشير عليه أن يقدم العراق ويقول: (هم شيعتك وشيعة أبيك)...
الخروج الى العراق
بلغ ابـن عمـر -رضي اللـه عنه- أن الحسيـن بن علـيّ قد توجّه الى العـراق، فلحقه على مسيـرة ثلاث ليال، فقـال لـه: (أيـن تريد؟)... فقال: (العراق)... وإذا معه طوامير كتب، فقال: (هذه كتبهم وبيعتهم)... فقال: (لا تأتِهم)... فأبى.
قال ابن عمر: (إنّي محدّثك حديثاً: إن جبريل أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فخيّره بين الدنيا والآخرة، فاختار الآخرة ولم يردِ الدنيا، وإنكم بضعة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والله لا يليها أحد منكم أبداً، وما صرفها الله عنكم إلاّ للذي هو خير)... فأبى أن يرجع، فاعتنقه ابن عمر وبكى وقال: (استودِعُكَ الله من قتيل)...
وقال ابن عباس -رضي الله عنه- للحسين: (أين تريد يا بن فاطمة؟)... قال: (العراق و شيعتي)... فقال: (إنّي لكارهٌ لوجهك هذا، تخرج الى قوم قتلوا أباك، وطعنوا أخاك حتى تركهم سَخْطةً ومَلّة لهم، أذكرك الله أن لا تغرّر بنفسك)...
وقال أبو سعيد الخدري: (غلبني الحسين بن عليّ على الخروج، وقد قُلت له: اتّق الله في نفسك، والزم بيتك، فلا تخرج على إمامك)...
وكتبـت له عمـرة بنت عبـد الرحمن تعظـم عليه ما يريد أن يصنع، وتأمره بالطاعـة ولزوم الجماعة، وتخبره إنه إنما يُساق إلى مصـرعه وتقول: (أشهد لحدّثتني عائشة أنها سمعت رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- يقول: (يُقتل حسينٌ بأرض بابل)... فلمّا قرأ كتابها قال: (فلابدّ لي إذاً من مصرعي)... ومضى...
مقتله
وبلغ يزيد خروج الحسين -رضي الله عنه-، فكتب الى عبيد الله بن زياد عامله على العراق يأمره بمحاربته وحمله إليه، إن ظفر به، فوجّه عُبيد الله الجيش مع عمر بن سعيد بن أبي وقاص، وعدل الحسين الى (كربلاء)، فلقيه عمر بن سعيد هناك، فاقتتلوا، فقُتِلَ الحسين رضوان الله عليه ورحمته وبركاته في يوم عاشوراء، العاشر من محرم سنة إحدى وستين...
السماء تبكي
قال ابن سيرين: (لم تبكِ السماء على أحد بعد يحيى بن زكريا إلا على الحسين بن عليّ)... وعن خلف بن خليفة عن أبيه قال: (لمّا قُتِلَ الحسين اسودت السماء، وظهرت الكواكب نهاراً، حتى رأيت الجوزاء عند العصر وسقط التراب الأحمر)...
وقالت أم خلاّد: (كنّا زماناً بعد مقتل الحسين، وإن الشمس تطلع محمَّرة على الحيطان والجُدر بالغداة والعشيّ)... وكانوا لا يرفعون حجراً إلاّ يوجد تحته دمٌ!!...
الرؤى
استيقظ ابن عباس من نومه، فاسترجع وقال: (قُتِلَ الحسين والله)... فقال له أصحابه: (كلا يا ابن عباس، كلا)... قال: رأيت رسول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- ومعه زجاجة من دم فقال: (ألا تعلم ما صنعت أمتي من بعـدي؟ قتلوا ابني الحسيـن، وهذا دمه ودم أصحابه، أرفعها الى اللـه عزّ وجلّ)...
فكتب ذلك اليوم الذي قال فيه، وتلك الساعة، فما لبثوا إلاّ أربعة وعشرين يوماً حتى جاءهم الخبر بالمدينة أنه قُتِل ذلك اليوم وتلك الساعة!!...
الدفن
وقد نقل رأسه ونساؤه وأطفاله إلى (يزيد) بدمشق، واختُلفَ في الموضع الذي دُفِنَ فيه الرأس، فقيل في دمشق، وقيل في كربلاء مع الجثة، وقيل في مكان آخر...
forum_live- مراقب عام
- عدد الرسائل : 649
العمر : 44
مزاج اية :
علم بلدك :
مهنتك اية :
هوياتك :
الفاعليه :
احترامك لقوانين المنتدى :
الاوسمة :
السٌّمعَة : 0
نقاط : 6298
تاريخ التسجيل : 25/09/2007
رد: °^°¤§©¤ قصة الحسن والحسين °^°¤§©¤
أنا سُني حسيني، جعلتُ ترحُّمي على الحسين مكان أنيني، أنا أحبُ السّبطين، وأتولَّى الشيخين، أنا أعلن صرخة الاحتجاج، ضد ابن زياد والحجاج، يا أرض الظالمين ابلعي ماءك، ويا ميادين السفَّاحين اشربي دماءك، لعنة الله وملائكته والناس أجمعين على من قتل الحسين أو رضي بذلك، ولكن لماذا ندفع الفاتورة منذ قُتل الحسين إلى الآن من دمائنا ونسائنا وأبنائنا بحجة أننا رضينا بقتل الحسين ونحن في أصلاب آبائنا وفي بطون أمهاتنا؟!
استباح ابن العلقمي بغداد بحجة الثأر للحسين، وذبح البساسيري النساء والشيوخ في العراق بحجة الثأر للحسين، والآن تُهدَّم المساجد في العراق ويُقتل الأئمة وتُبقر بطون الحوامل وتحرَّق الجثث ويُختطف الناس من بيوتهم وتُغتصب العذارى بحجة الثأر للحسين، إن المنطق الذي يقول: إن مليار مسلم كلهم رضي بقتل الحسين وكلهم ناصبوا العداء لأهل البيت منطق يخالف النقل والعقل والتاريخ، ومعناه إلغاء أهل الإسلام والقضاء على كل موحِّد في الأرض، هل من المقبول والمعقول أن يجتمع مئات الملايين من العلماء والخلفاء والحكماء والزُّهاد والعُبّاد والمصلحين ويتواطأوا على الرضا بقتل الحسين والسكوت على هذه الجريمة الشنعاء؟!
لماذا لا يُحَكّم العقل ويسأل نفسه الذي يمشي وراء السراب ويصدق الوهم ويؤمن بالخرافة؟
هل من المعقول أن تُحارب أمة الإسلام لأجل كذبة أعجمية صفوية ملفّقة كاذبة خاطئة تكفِّر الصحابة والتابعين ودول الإسلام وتتبرأ من أبي بكر وعمر وأصحاب بدرٍ وأهل بيعة الرضوان ومن نزل الوحي بتزكيتهم وأخبر الله أنه رضي عنهم؟
متى تُكف المجزرة الظالمة الآثمة التي أقامها الصفويون ضد كل مسلم ومؤمن تحت مظلة الثأر للحسين؟
نحن أولى بالحسين ديناً وملَّة، ونسباً وصهراً، وحباً وولاءً، وأرضاً وبيتاً، وتاريخاً وجغرافيا، ارفعوا عنّا سيف العدوان، وأغمدوا عنّا خنجر الغدر فنحن الذين اكتوينا بقتل الحسين، وأُصبنا في سويداء قلوبنا بمصرع الحسين:
جاؤُوا بِرَأْسِكَ يا ابْنَ بِنْتِ مُحَمّدٍ مُتَـزَمِّـلاً بِدِمائِهِ تَزْمِيلا
ويُكَبِّـرونَ بِـأَنْ قُتِلْـتَ وإنّما قَتَلوا بـكَ التّكْبيـرَ والتّهْليـلاَ
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: " قتل الحسين رضي الله عنه مصيبة من أعظم المصائب ينبغي لكل مسلم إذا ذكرها أن يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، وأقول لو كره عضو من أعضائنا الحسين أو أهل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم لتبرأنا من هذا العضو ولبترناه، لكننا نحبهم الحب الشرعي السُني الصحيح الموافق لهدي الرسول عليه الصلاة والسلام، لا الحب الصفوي والسبئي الغريب على الأمة وعلى الملّة وعلى السماء وعلى الأرض:
مَرحباً يا عراقُ جئتُ أغنّيـ ـك
وبعــــضٌ مـــن الغنــــاءِ بكـــاءُ
فجراح الحسين بعض جراحي
وبِصَدرِي من الأسى كربــــلاءُ
الحسين ليس بحاجة إلى مآتم وولائم، تزيد الأمة هزائم إلى هزائم، رحم الله السبطين الحسن والحسين، وجعل الله علياً وفاطمة في الخالدين ورضي الله عن الشيخين.
forum_live- مراقب عام
- عدد الرسائل : 649
العمر : 44
مزاج اية :
علم بلدك :
مهنتك اية :
هوياتك :
الفاعليه :
احترامك لقوانين المنتدى :
الاوسمة :
السٌّمعَة : 0
نقاط : 6298
تاريخ التسجيل : 25/09/2007
رد: °^°¤§©¤ قصة الحسن والحسين °^°¤§©¤
كثر الكلام حول مقتل الشهيد السعيد السيد السبط الحسين بن علي (عليه السلام) فطلب مني بعض الأخوان أن أذكر القصة الصحيحة التي أثبتها الثقات من أهل العلم ودونوها في كتبهم فأجبتهم ما يلي:
بلغ أهل العراق أن الحسين لم يبايع ليزيد بن معاوية وذلك سنة 60 هـ فأرسلوا إليه الرسل والكتب يدعونه فيها إلى البيعة، وذلك أنهم لا يريدون يزيد ولا أباه ولا عثمان ولا عمر ولا أبا بكر إنهم لا يريدون إلا علياً وأولاده وبلغت الكتب التي وصلت إلى الحسين أكثر من خمسمائة كتاب. عند ذلك أرسل الحسين (عليه السلام) ابن عمه مسلم بن عقيل ليتقصى الأمور ويتعرف على حقيقة البيعة وجليتها، فلما وصل مسلم إلى الكوفة تيقن أن الناس يريدون الحسين فبايعه الناس على بيعة الحسين وذلك في دار هانئ بن عروة ولما بلغ الأمر يزيد بن معاوية في الشام أرسل إلى عبيدالله بن زياد والي البصرة ليعالج هذه القضية ويمنع أهل الكوفة من الخروج عليه مع الحسين (عليه السلام) فدخل عبيدالله بن زياد إلى الكوفة وأخذ يتحرى الأمر ويسأل حتى علم أن دار هانئ بن عروة هي مقر مسلم بن عقيل وفيها تتم المبايعة. فأرسل إلى هانئ بن عروة وسأله عن مسلم بعد أن بيّن له أنه قد علم بكل شيء، قال هانئ بن عروة قولته المشهورة التي تدل على شجاعته وحسن جواره: والله لو كان تحت قدمي هاتين ما رفعتها فضربه عبيدالله بن زياد وأمر بحبسه.
فلما بلغ الخبر مسلم بن عقيل خرج على عبيدالله بن زياد وحاصر قصره بأربعة آلاف من مؤيديه وذلك في الظهيرة.
فقام فيهم عبيد الله بن زياد وخوفهم بجيش من الشام ورغبهم ورهبهم فصاروا ينصرفون عنه حتى لم يبق معه إلا ثلاثون رجلاً فقط. وما غابت الشمس إلا ومسلم بن عقيل وحده ليس معه أحد.
فقبض عليه وأمر عبيد الله بن زياد بقتله فطلب منه مسلم أن يرسل رسالة إلى الحسين فأذن عبيدالله وهذا نص رسالته: ارجع بأهلك ولا يغرنك أهل الكوفة فإن أهل الكوفة قد كذبوك وكذبوني وليس لكاذب رأي.
ثم أمر عبيد الله بقتل مسلم بن عقيل وذلك في يوم عرفة وكان مسلم بن عقيل قد أرسل إلى الحسين (عليه السلام) أن أقدم فخرج الحسين من مكة يوم التروية وحاول منعه كثير من الصحابة ونصحوه بعدم الخروج مثل ابن عباس وابن عمر وابن الزبير وأبي سعيد الخدري وابن عمرو وأخيه محمد بن الحنفية وغيرهم فهذا أبو سعيد الخدري يقول له: يا أبا عبدالله إني لك ناصح وإني عليكم مشفق قد بلغني أن قد كاتبكم قوم من شيعتكم بالكوفة يدعونك إلى الخروج إليهم فلا تخرج إليهم فإني سمعت أباك يقول في الكوفة: والله قد مللتهم وأبغضتهم وملوني وأبغضوني وما يكون منهم وفاء قط ومن فاز بهم بالسهم الأخيب والله ما لهم من نيات ولا عزم على أمر ولا صبر على سيف. وهذا ابن عمر يقول للحسين: إني محدثك حديثاً: إن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فخيره بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة ولم يرد الدنيا وإنك بضعة منه والله ما يليها أحد منكم أبدا وما صرفها الله عنكم إلا للذي هو خير لكم فأبى أن يرجع فاعتنقه وبكى وقال: استودعك الله من قتيل.
وجاء الحسين خبر مسلم بن عقيل عن طريق الرسول الذي أرسله مسلم فهمّ الحسين بالرجوع فامتنع أبناء مسلم وقالوا: لا ترجع حتى نأخذ بثأر أبينا فنزل الحسين على رأيهم.
وكان عبيدالله بن زياد قد أرسل كتيبة قوامها ألف رجل بقيادة الحر بن يزيد التميمي ليمنع الحسين من القدوم إلى الكوفة فالتقى الحر مع الحسين في القادسية. وحاول منع الحسين من التقدم فقال له الحسين: ابتعد عني ثكلتك أمك. فقال الحر: والله لو قالها غيرك من العرب لاقتصصت منه ومن أمه ولكن ماذا أقول لك وأمك سيدة نساء العالمين رضي الله عنها.
ولما تقدم الحسين إلى كربلاء وصلت بقية جيش عبيدالله بن زياد وهم أربعة آلاف بقيادة عمر بن سعد فقال الحسين: ما هذا المكان؟ فقالوا له: إنها كربلاء، فقال: كرب وبلاء.
ولما رأى الحسين هذا الجيش العظيم علم أن لا طاقة له بهم وقال: إني أخيّركم بين أمرين:
1- أن تدعوني أرجع.
2- أو تتركوني أذهب إلى يزيد في الشام.
فقال له عمر بن سعد: أرسل إلى يزيد وأرسل أنا إلى عبيد الله فلم يرسل الحسين إلى يزيد. وأرسل عمر إلى عبيد الله فأبى إلا أن يستأسر الحسين له. ولما بلغ الحسين ما قال عبيد الله بن زياد أبى أن يستأسر له، فكان القتال بين ثلاثة وسبعين مقاتلاً مقابل خمسة آلاف وكان قد انضم إلى الحسين من جيش الكوفة ثلاثون رجلاً على رأسهم الحر بن يزيد التميمي ولما عاب عليه قومه ذلك. قال: والله إني أخير نفسي بين الجنة والنار. ولاشك أن المعركة كانت غير متكافئة من حيث العدد فقتل أصحاب الحسين (رضي الله عنه وعنهم) كلهم بين يديه يدافعون عنه حتى بقي وحده وكان كالأسد ولكنها الكثرة وكان كل واحد من جيش الكوفة يتمنى لو غيره كفاه قتل الحسن حتى لا يبتلى بدمه رضي الله عنه حتى قام رجل خبيث يقال له شمّر بن ذي الجوشن فرمى الحسين برمحه فأسقطه أرضاً فاجتمعوا عليه وقتلوه شهيداً سعيداً. ويقال أن شمّر بن ذي الجوشن هو الذي اجتز رأس الحسين وقيل سنان بن أنس النخعي والله أعلم.
وأما قصة منع الماء وأنه مات عطشاً وغير ذلك من الزيادات التي إنما تذكر لدغدغة المشاعر فلا يثبت منها شيء. وما ثبت يغني ولاشك أنها قصة محزنة مؤلمة ، وخاب وخسر من شارك في قتل الحسين ومن معه وباء بغضب من ربه وللشهيد السعيد ومن معه الرحمة والرضوان من الله ومنا الدعاء والترضي.
من قتل مع الحسين في الطف:
من أولاد علي بن أبي طالب: أبوبكر، محمد، عثمان، جعفر، العباس.
من أولاد الحسين: علي الأكبر، عبدالله.
من أولاد الحسن: أبو بكر، عبدالله، القاسم.
من أولاد عقيل: جعفر، عبدالله، عبد الرحمن، عبدالله بن مسلم بن عقيل.
من أولاد عبدالله بن جعفر: عون، محمد.
وأضف إليهم الحسين ومسلم بن عقيل (رضي الله عنهم أجمعين). عن أم سلمة قالت: كان جبريل عن النبي صلى الله عليه وسلم والحسين معي، فبكى الحسين فتركته فدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فدنى من النبي صلى الله عليه وسلم، فقال جبريل: أتحبه يا محمد؟ فقال: نعم. قال: إن أمتك ستقتله وإن شئت أريتك من تربة الأرض التي يقتل بها فأراه إياها فإذا الأرض يقال لها كربلاء.. أخرجه أحمد في فضائل الصحابة بسند حسن. وأما ما روي من أن السماء صارت تمطر دماً وأن الجدر كان يكون عليها الدم أو ما يرفع حجر إلا ويوجد تحته دم أو ما يذبحون جزوراً إلا صار كله دماً فهذه كلها تذكر لإثارة العواطف ليس لها أسانيد صحيحة.
حكم خروج الحسين:
لم يكن في خروج الحسين عليه السلام مصلحة لا في دين ولا دنيا ولذلك نهاه كثير من الصحابة وحاولوا منعه وهو قد هم بالرجوع لولا أولاد مسلم، بل بهذا الخروج نال أولئك الظلمة الطغاة من سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قتلوه مظلوماً شهيدا. وكان في خروجه وقتله من الفساد ما لم يكن يحصل لو قعد في بلده ولكنه أمر الله تبارك وتعالى وما قدر الله كان ولو لم يشأ الناس. وقتل الحسين ليس هو بأعظم من قتل الأنبياء وقد قدم رأس يحي عليه السلام مهراً لبغي، وقتل زكريا عليه السلام وكثير من الأنبياء قتلوا كما قال تعالى:" قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين".
وكذلك قتل عمر وعثمان رضي الله عنهم أجمعين.
كيف نتعامل مع هذا الحدث:
لا يجوز لمن يخاف الله إذا تذكر قتل الحسين ومن معه رضي الله عنهم أن يقوم بلطم الخدود وشق الجيوب والنوح وما شابه ذلك، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ليس منا لطم الخدود وشق الجيوب.. أخرجه البخاري. وقال: أنا بريء من الصالقة[1] والحالقة والشاقة.. أخرجه مسلم. وقال: إن النائحة إذا لم تتب فإنها تلبس يوم القيامة درعاً من جرب وسربالاً من قطران.. أخرجه مسلم.
والواجب على المسلم العاقل إذا تذكر مثل هذه المصائب أن يقول كما أمره الله تعالى:" الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون".
وما علم أن علي بن الحسين أو ابنه محمداً أو ابنه جعفراً أو موسى بن جعفر رضي الله عنهم ما عرف عنهم ولا عن غيرهم من أئمة الهدى لأنهم لطموا أو شقوا أو صاحوا فهؤلاء هم قدوتنا.
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم،،،،،، إن التشبه بالكرام فلاح
موقف يزيد من قتل الحسين:
لم يكن ليزيد يد في قتل الحسين ولا نقول هذا دفاعاً عن يزيد ولكن دفاعاً عن الحق فيزيد لا يهمنا من قريب ولا بعيد:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: أن يزيد بن معاوية لم يأمر بقتل الحسين باتفاق أهل النقل ولكن كتب إلى ابن زياد أن يمنعه عن ولاية العراق ولما بلغ يزيد قتل الحسين أظهر التوجع على ذلك وظهر البكاء في داره ولم يسبِ لهم حريماً، بل أكرم أهل بيته وأجازهم حتى ردهم إلى بلادهم، وأما الروايات التي تقول: إنه أهين نساء آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنهن أخذن إلى الشام مسبيات وأهن هناك، هذا كلام باطل، بل كان بنو أمية يعظمون بني هاشم ولذلك لما تزوج الحجاج بن يوسف من فاطمة بنت عبدالله بن جعفر لم يقبل عبد الملك بن مروان هذا الأمر وأمر الحجاج أن يعتزلها وأن يطلقها فهم كانوا يعظمون بني هاشم ولم تسب هاشمية قط. انتهى
رأس الحسين:
لم يثبت أن رأس الحسين أرسل إلى يزيد بالشام بل الصحيح أن الحسين قتل في كربلاء ورأسه أخذ إلى عبيد الله بن زياد في الكوفة، ولا يعلم قبر الحسين ولا يعلم مكان رأسه عليه السلام.
والله تعالى أعلى وأعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
بلغ أهل العراق أن الحسين لم يبايع ليزيد بن معاوية وذلك سنة 60 هـ فأرسلوا إليه الرسل والكتب يدعونه فيها إلى البيعة، وذلك أنهم لا يريدون يزيد ولا أباه ولا عثمان ولا عمر ولا أبا بكر إنهم لا يريدون إلا علياً وأولاده وبلغت الكتب التي وصلت إلى الحسين أكثر من خمسمائة كتاب. عند ذلك أرسل الحسين (عليه السلام) ابن عمه مسلم بن عقيل ليتقصى الأمور ويتعرف على حقيقة البيعة وجليتها، فلما وصل مسلم إلى الكوفة تيقن أن الناس يريدون الحسين فبايعه الناس على بيعة الحسين وذلك في دار هانئ بن عروة ولما بلغ الأمر يزيد بن معاوية في الشام أرسل إلى عبيدالله بن زياد والي البصرة ليعالج هذه القضية ويمنع أهل الكوفة من الخروج عليه مع الحسين (عليه السلام) فدخل عبيدالله بن زياد إلى الكوفة وأخذ يتحرى الأمر ويسأل حتى علم أن دار هانئ بن عروة هي مقر مسلم بن عقيل وفيها تتم المبايعة. فأرسل إلى هانئ بن عروة وسأله عن مسلم بعد أن بيّن له أنه قد علم بكل شيء، قال هانئ بن عروة قولته المشهورة التي تدل على شجاعته وحسن جواره: والله لو كان تحت قدمي هاتين ما رفعتها فضربه عبيدالله بن زياد وأمر بحبسه.
فلما بلغ الخبر مسلم بن عقيل خرج على عبيدالله بن زياد وحاصر قصره بأربعة آلاف من مؤيديه وذلك في الظهيرة.
فقام فيهم عبيد الله بن زياد وخوفهم بجيش من الشام ورغبهم ورهبهم فصاروا ينصرفون عنه حتى لم يبق معه إلا ثلاثون رجلاً فقط. وما غابت الشمس إلا ومسلم بن عقيل وحده ليس معه أحد.
فقبض عليه وأمر عبيد الله بن زياد بقتله فطلب منه مسلم أن يرسل رسالة إلى الحسين فأذن عبيدالله وهذا نص رسالته: ارجع بأهلك ولا يغرنك أهل الكوفة فإن أهل الكوفة قد كذبوك وكذبوني وليس لكاذب رأي.
ثم أمر عبيد الله بقتل مسلم بن عقيل وذلك في يوم عرفة وكان مسلم بن عقيل قد أرسل إلى الحسين (عليه السلام) أن أقدم فخرج الحسين من مكة يوم التروية وحاول منعه كثير من الصحابة ونصحوه بعدم الخروج مثل ابن عباس وابن عمر وابن الزبير وأبي سعيد الخدري وابن عمرو وأخيه محمد بن الحنفية وغيرهم فهذا أبو سعيد الخدري يقول له: يا أبا عبدالله إني لك ناصح وإني عليكم مشفق قد بلغني أن قد كاتبكم قوم من شيعتكم بالكوفة يدعونك إلى الخروج إليهم فلا تخرج إليهم فإني سمعت أباك يقول في الكوفة: والله قد مللتهم وأبغضتهم وملوني وأبغضوني وما يكون منهم وفاء قط ومن فاز بهم بالسهم الأخيب والله ما لهم من نيات ولا عزم على أمر ولا صبر على سيف. وهذا ابن عمر يقول للحسين: إني محدثك حديثاً: إن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فخيره بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة ولم يرد الدنيا وإنك بضعة منه والله ما يليها أحد منكم أبدا وما صرفها الله عنكم إلا للذي هو خير لكم فأبى أن يرجع فاعتنقه وبكى وقال: استودعك الله من قتيل.
وجاء الحسين خبر مسلم بن عقيل عن طريق الرسول الذي أرسله مسلم فهمّ الحسين بالرجوع فامتنع أبناء مسلم وقالوا: لا ترجع حتى نأخذ بثأر أبينا فنزل الحسين على رأيهم.
وكان عبيدالله بن زياد قد أرسل كتيبة قوامها ألف رجل بقيادة الحر بن يزيد التميمي ليمنع الحسين من القدوم إلى الكوفة فالتقى الحر مع الحسين في القادسية. وحاول منع الحسين من التقدم فقال له الحسين: ابتعد عني ثكلتك أمك. فقال الحر: والله لو قالها غيرك من العرب لاقتصصت منه ومن أمه ولكن ماذا أقول لك وأمك سيدة نساء العالمين رضي الله عنها.
ولما تقدم الحسين إلى كربلاء وصلت بقية جيش عبيدالله بن زياد وهم أربعة آلاف بقيادة عمر بن سعد فقال الحسين: ما هذا المكان؟ فقالوا له: إنها كربلاء، فقال: كرب وبلاء.
ولما رأى الحسين هذا الجيش العظيم علم أن لا طاقة له بهم وقال: إني أخيّركم بين أمرين:
1- أن تدعوني أرجع.
2- أو تتركوني أذهب إلى يزيد في الشام.
فقال له عمر بن سعد: أرسل إلى يزيد وأرسل أنا إلى عبيد الله فلم يرسل الحسين إلى يزيد. وأرسل عمر إلى عبيد الله فأبى إلا أن يستأسر الحسين له. ولما بلغ الحسين ما قال عبيد الله بن زياد أبى أن يستأسر له، فكان القتال بين ثلاثة وسبعين مقاتلاً مقابل خمسة آلاف وكان قد انضم إلى الحسين من جيش الكوفة ثلاثون رجلاً على رأسهم الحر بن يزيد التميمي ولما عاب عليه قومه ذلك. قال: والله إني أخير نفسي بين الجنة والنار. ولاشك أن المعركة كانت غير متكافئة من حيث العدد فقتل أصحاب الحسين (رضي الله عنه وعنهم) كلهم بين يديه يدافعون عنه حتى بقي وحده وكان كالأسد ولكنها الكثرة وكان كل واحد من جيش الكوفة يتمنى لو غيره كفاه قتل الحسن حتى لا يبتلى بدمه رضي الله عنه حتى قام رجل خبيث يقال له شمّر بن ذي الجوشن فرمى الحسين برمحه فأسقطه أرضاً فاجتمعوا عليه وقتلوه شهيداً سعيداً. ويقال أن شمّر بن ذي الجوشن هو الذي اجتز رأس الحسين وقيل سنان بن أنس النخعي والله أعلم.
وأما قصة منع الماء وأنه مات عطشاً وغير ذلك من الزيادات التي إنما تذكر لدغدغة المشاعر فلا يثبت منها شيء. وما ثبت يغني ولاشك أنها قصة محزنة مؤلمة ، وخاب وخسر من شارك في قتل الحسين ومن معه وباء بغضب من ربه وللشهيد السعيد ومن معه الرحمة والرضوان من الله ومنا الدعاء والترضي.
من قتل مع الحسين في الطف:
من أولاد علي بن أبي طالب: أبوبكر، محمد، عثمان، جعفر، العباس.
من أولاد الحسين: علي الأكبر، عبدالله.
من أولاد الحسن: أبو بكر، عبدالله، القاسم.
من أولاد عقيل: جعفر، عبدالله، عبد الرحمن، عبدالله بن مسلم بن عقيل.
من أولاد عبدالله بن جعفر: عون، محمد.
وأضف إليهم الحسين ومسلم بن عقيل (رضي الله عنهم أجمعين). عن أم سلمة قالت: كان جبريل عن النبي صلى الله عليه وسلم والحسين معي، فبكى الحسين فتركته فدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فدنى من النبي صلى الله عليه وسلم، فقال جبريل: أتحبه يا محمد؟ فقال: نعم. قال: إن أمتك ستقتله وإن شئت أريتك من تربة الأرض التي يقتل بها فأراه إياها فإذا الأرض يقال لها كربلاء.. أخرجه أحمد في فضائل الصحابة بسند حسن. وأما ما روي من أن السماء صارت تمطر دماً وأن الجدر كان يكون عليها الدم أو ما يرفع حجر إلا ويوجد تحته دم أو ما يذبحون جزوراً إلا صار كله دماً فهذه كلها تذكر لإثارة العواطف ليس لها أسانيد صحيحة.
حكم خروج الحسين:
لم يكن في خروج الحسين عليه السلام مصلحة لا في دين ولا دنيا ولذلك نهاه كثير من الصحابة وحاولوا منعه وهو قد هم بالرجوع لولا أولاد مسلم، بل بهذا الخروج نال أولئك الظلمة الطغاة من سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قتلوه مظلوماً شهيدا. وكان في خروجه وقتله من الفساد ما لم يكن يحصل لو قعد في بلده ولكنه أمر الله تبارك وتعالى وما قدر الله كان ولو لم يشأ الناس. وقتل الحسين ليس هو بأعظم من قتل الأنبياء وقد قدم رأس يحي عليه السلام مهراً لبغي، وقتل زكريا عليه السلام وكثير من الأنبياء قتلوا كما قال تعالى:" قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين".
وكذلك قتل عمر وعثمان رضي الله عنهم أجمعين.
كيف نتعامل مع هذا الحدث:
لا يجوز لمن يخاف الله إذا تذكر قتل الحسين ومن معه رضي الله عنهم أن يقوم بلطم الخدود وشق الجيوب والنوح وما شابه ذلك، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ليس منا لطم الخدود وشق الجيوب.. أخرجه البخاري. وقال: أنا بريء من الصالقة[1] والحالقة والشاقة.. أخرجه مسلم. وقال: إن النائحة إذا لم تتب فإنها تلبس يوم القيامة درعاً من جرب وسربالاً من قطران.. أخرجه مسلم.
والواجب على المسلم العاقل إذا تذكر مثل هذه المصائب أن يقول كما أمره الله تعالى:" الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون".
وما علم أن علي بن الحسين أو ابنه محمداً أو ابنه جعفراً أو موسى بن جعفر رضي الله عنهم ما عرف عنهم ولا عن غيرهم من أئمة الهدى لأنهم لطموا أو شقوا أو صاحوا فهؤلاء هم قدوتنا.
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم،،،،،، إن التشبه بالكرام فلاح
موقف يزيد من قتل الحسين:
لم يكن ليزيد يد في قتل الحسين ولا نقول هذا دفاعاً عن يزيد ولكن دفاعاً عن الحق فيزيد لا يهمنا من قريب ولا بعيد:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: أن يزيد بن معاوية لم يأمر بقتل الحسين باتفاق أهل النقل ولكن كتب إلى ابن زياد أن يمنعه عن ولاية العراق ولما بلغ يزيد قتل الحسين أظهر التوجع على ذلك وظهر البكاء في داره ولم يسبِ لهم حريماً، بل أكرم أهل بيته وأجازهم حتى ردهم إلى بلادهم، وأما الروايات التي تقول: إنه أهين نساء آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنهن أخذن إلى الشام مسبيات وأهن هناك، هذا كلام باطل، بل كان بنو أمية يعظمون بني هاشم ولذلك لما تزوج الحجاج بن يوسف من فاطمة بنت عبدالله بن جعفر لم يقبل عبد الملك بن مروان هذا الأمر وأمر الحجاج أن يعتزلها وأن يطلقها فهم كانوا يعظمون بني هاشم ولم تسب هاشمية قط. انتهى
رأس الحسين:
لم يثبت أن رأس الحسين أرسل إلى يزيد بالشام بل الصحيح أن الحسين قتل في كربلاء ورأسه أخذ إلى عبيد الله بن زياد في الكوفة، ولا يعلم قبر الحسين ولا يعلم مكان رأسه عليه السلام.
والله تعالى أعلى وأعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
forum_live- مراقب عام
- عدد الرسائل : 649
العمر : 44
مزاج اية :
علم بلدك :
مهنتك اية :
هوياتك :
الفاعليه :
احترامك لقوانين المنتدى :
الاوسمة :
السٌّمعَة : 0
نقاط : 6298
تاريخ التسجيل : 25/09/2007
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى