( اختصار) مشروعية المسح على الجوربين للتسهيل على القارئ
صفحة 1 من اصل 1
( اختصار) مشروعية المسح على الجوربين للتسهيل على القارئ
مشروعية المسح على الجوربين
المسح على الجوربين رخصة عامة قال بها أكثر العلماء وليست خاصة بفصل الشتاء كما يظن بعض الناس بل يجوز المسح عليهما صيفاً وشتاءً وسفراً وحضراً .
ومسألة المسح على الجوربين فيها تيسير وتسهيل على الناس وخاصة في أيام الشتاء الباردة حيث إن كثيراً من الناس وخاصة كبار السن يجدون صعوبة في غسل أرجلهم عند كل وضوء فيمسحون على جواربهم ولا حرج في ذلك إن شاء الله تعالى ، والمسح على الجوربين ثابت بالسنة وبه عمل الصحابة والتابعون والأئمة المجتهدون ولا ينكره إلا جاهل لم يشم رائحة العلم الشرعي .
وهذه بعض الأدلة والشواهد الشرعية على جواز المسح على الجوربين :
1. قال أبو داود صاحب السنن باب المسح على الجوربين ثم روى بإسناده عن المغيرة بن شعبةt :
( أن رسول اللهe تـوضأ ومسـح عـلى الجوربين والنعلين ) رواه أحمد والترمذي وقال : حسن صحيح . ورواه ابن ماجة وابن حبان والبيهقي وابن خزيمة وابن أبي شيبة وغيرهم وصححه ابن حبان .
قال العلامة أحمد محمد شاكر :[ والحديث صحيح وإسناده كلهم ثقات ] مقدمة رسالة المسح على الجوربين للقاسمي ص 7 ، وصححه الشيخ الألباني في صحيح سنن أبي داود 1/33 .
2. وعن ثوبان t قال : ( بعث رسول الله e سرية فأصابهم البرد فلما قدموا على النبي e شكوا إليه ما أصابهم من البرد فأمرهم أن يمسحوا على العصائب والتساخين ) رواه أحمد وأبو داود والحاكم وصححه ووافقه الذهبي ، وصححه الشيخ الألباني والشيخ شعيب الأرناؤوط ، وقال الشيخ أحمد محمد شاكر :[ حديث متصل صحيح الإسناد ] مقدمة رسالة المسح على الجوربين ص 6 . وانظر صحيح ابن حبان 4/167 ، صحيح سنن أبي داود 1/30 .
3. وعن أبي موسى الأشعري t أن رسول e : ( توضأ ومسح على الجوربين والنعلين ) رواه ابن ماجة والطحاوي وهو حديث صحيح كما قال الشيخ الألباني في صحيح سنن ابن ماجه 1/91 .
وقد ثبت المسح على الجوربين عن جماعة كبيرة من الصحابة رضي الله عنهم ، قال الإمام النووي :
[ وحكى ابن المنذر إباحة المسح على الجوربين عن تسعة من الصحابة علي وابن مسعود وابن عمر وأنس وعمار بن ياسر وبلال والبراء وأبي أمامة وسهل بن سعد ] المجموع 1/499 .
وقال العلامة ابن القيم:[ قال ابن المنذر روي المسح على الجوربين عن تسعة من أصحاب النبيe علي وعمار وأبي مسعود الأنصاري وأنس وابن عمر والبراء وبلال وعبد الله ابن أبي أوفى وسهل بن سعد . وزاد أبو داود - صاحب السنن - أبو أمامة وعمرو بن حريث وعمر وابن عباس فهؤلاء ثلاثة عشر صحابياً والعمدة في الجواز على هؤلاء رضي الله عنهم ... وقد نص أحمد على جواز المسح على الجوربين وعلل رواية أبي قيس . وهذا من إنصافه وعدله رحمه الله وإنما عمدته هؤلاء الصحابة وصريح القياس فإنه لا يظهر بين الجوربين والخفين فرق مؤثر يصح أن يحال الحكم عليه ... ولا نعرف في الصحابة مخالفاً لمن سمينا ] تهذيب سنن أبي داود 1/187-189 .
قال الإمام أبو داود صاحب السنن: ومسح على الجوربين علي بن أبي طالب ، وأبو مسعود ، والبراء بن عازب ، وأنس بن مالك ، وأبو أمامة ، وسهل بن سعد ، وعمرو بن حريث ، وروي ذلك عن عمر بن الخطاب ، وابن عباس .
وزاد ابن سيد الناس في شرح الترمذي: عبد الله بن عمر ، وسعد بن أبي وقاص . وزاد في شرح الإقناع : عماراً ، وبلالاً وابن أبي أوفى رضي الله عنهم ،وكذا المغيرة ، وأبو موسى لروايتيهما المتقدمتين ، فيكون مجموع من ورد عنهم المسح على الجوربين من الصحابة رضوان الله عليهم ستة عشر صحابياً .
ومن الروايات المنقولة عن الصحابة والتابعين في المسح على الجوربين :
1. عن الأزرق بن قيس قال :[ رأيت أنس بن مالك أحدث فغسل وجهه ويديه ومسح على جوربين من صوف ، فقلت : أتمسح عليهما فقال : إنهما خفان ولكن من صوف ].
قال العلامة أحمد شاكر :[ وهذا إسناد صحيح ... وهذا الحديث موقوف على أنس من فعله وقوله ولكن وجه الحجة فيه أنه لم يكتف بالفعل بل صرح بأن الجوربين خفان ولكنهما من صوف ) مقدمة رسالة المسح على الجوربين ص13.
2. روى عبد الرزاق بإسناده عن كعب بن عبد الله قال:[ رأيت علياً بال فمسح على جوربيه ونعليه ثم قام يصلي ] مصنف عبد الرزاق 1/199 ، ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه 1/188 .
3. وروى عبد الرزاق بإسناده عن خالد بن سعد قال:[ كان أبو مسعود الأنصاري يمسح على جوربين له من شعر ونعليه ] مصنف عبد الرزاق 1/199 ، ورواه ابن أبي شيبة في المصنف 1/188 .
4. وروى عبد الرزاق بإسناده عن ابن عمر [ أنه كان يمسح على جوربيه ونعليه ] مصنف عبد الرزاق 1/199 .
5. وروى عبد الرزاق عن أبي مسعود [ أنه كان يمسح على الجوربين والنعلين ] مصنف عبد الرزاق 1/200 .
6. وروى عبد الرزاق بإسناده عن إسماعيل بن رجاء عن أبيه قال :[ رأيت البراء بن عازب يمسح على جوربيه ونعليه ] مصنف عبد الرزاق 1/200 ، ورواه أبن أبي شيبة في مصنفه 1/189 .
7. وروى عبد الرزاق بإسناده عن يحيى البكاء قال: سمعت ابن عمر يقول [ المسح على الجوربين كالمسح على الخفين ] مصنف عبد الرزاق 1/201 .
8. وروى ابن أبي شيبة بإسناده [ أن عمر توضأ يوم جمعة ومسح على جوربيه ونعليه ] مصنف ابن أبي شيبة 1/188.
9. وروى عبد الرزاق وابن أبي شيبة بإسناديهما عن أنس بن مالك :[ أنه كان يمسح على الجوربين قال : نعم ، يمسح عليهما مثل الخفين ] مصنف عبد الرزاق 1/200 ، مصنف ابن أبي شيبة 1/188
10. وورى ابن أبي شيبة بإسناده عن أبي غالب قال [ رأيت أبا أمامة يمسح على الجوربين ] مصنف ابن أبي شيبة 1/188 .
وهنالك روايات أخرى كثيرة في المصنفين المذكورين والمحلى 1/323 راجعها إن شئت .
وقد قال بالمسح على الجوربين كبار الفقهاء من التابعين والأئمة المجتهدين وغيرهم كسعيد بن المسيب وعطاء والحسن وسعيد بن جبير وإبراهيم النخعي والأعمش والثوري والحسن بن صالح وعبد الله بن المبارك وإسحاق وأبي ثور وهو قول الإمام أحمد وأهل الظاهر وأبي يوسف ومحمد وزفر أصحاب الإمام أبي حنيفة ، ورجع إليه أبو حنيفة في آخر أيامه وهو قول الإمام الشافعي بشروط ، ومالك في أحد القولين عنه كما في الاستذكار لابن عبد البر 2/253 ..
وقد ذكر الإمام الكاساني:[ أن أبا حنيفة كان يقول بعدم جواز المسح على الجوربين وكان أبو يوسف ومحمد يخالفانه في ذلك ويريان جواز المسح وأن الإمام رجع عن قوله إلى قولهما في آخر عمره وذلك أنه مسح على جوربيه في مرضه ثم قال لعواده: فعلت ما كنت أمنع الناس عنه ، فاستدلوا به على رجوعه ] بدائع الصنائع 1/83 .
والقول بالمسح على الجوربين هو الذي عليه الفتوى عند الحنفية كما ذكره صاحب الهداية وشارحها ابن الهمام ،شرح فتح القدير1/139 .
قال الإمام النووي: فرع في مذاهب العلماء في الجورب – أي المسح عليه - قد ذكرنا أن الصحيح من مذهبنا أن الجورب إن كان صفيقا يمكن متابعة المشي عليه جاز المسح عليه وإلا فلا . وحكى ابن المنذر إباحة المسح على الجورب عن تسعة من الصحابة علي وابن مسعود وابن عمر وأنس وعمار بن ياسر وبلال والبراء وأبي أمامة وسهل بن سعد ، وعن سعيد بن المسيب وعطاء والحسن وسعيد بن جبير والنخعي والأعمش والثوري والحسن بن صالح وابن المبارك وزفر وأحمد وإسحاق وأبي ثور وأبي يوسف ومحمد . قال : وكره ذلك مجاهد وعمرو بن دينار والحسن بن مسلم ومالك والأوزاعي ، وحكى أصحابنا - الشافعية - عن عمر وعلي رضي الله عنهما جواز المسح على الجورب وإن كان رقيقاً وحكوه عن أبي يوسف ومحمد وإسحاق وداود . وعن أبي حنيفة المنع مطلقاً وعنه أنه رجع إلى الإباحة] المجموع 1/499-500
شروط المسح على الجوربين
يُشترط للمسح على الجوربين ما يلي:
أولاً:لبسهما على طهارة لقول النبيeللمغيرة بن شعبة t : ( دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين ) رواه البخاري ومسلم .
ثانياً: أن يمسحهما في الحدث الأصغر لا في الجنابة أو ما يوجب الغسل ، لما ورد في الحديث عن صفوان بن عسال t قال: ( أمرنا رسول الله eإذا كنا سفراً أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن ، إلا من جنابة ولكن من غائط وبول ونوم ) رواه أحمد والنسائي والترمذي وقال : حسن صحيح ، وحسنه الشيخ الألباني في إرواء الغليل 1/140 .
ثالثاً: أن يكون المسح خلال المدة المقررة شرعاً، وهو يوم وليلة للمقيم ، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر، لحديث علي قال : "جعل النبي eللمقيم يوماً وليلة وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن". رواه مسلم . هذه هي أصح الشروط التي تُشترط للمسح على الجوربين .
وأما ما ذكره بعض الفقهاء من شروط للجوربين الذين يمسح عليهما بأن يكونا منعلين أو مجلدين أو ثخينين وغير ذلك من الشروط فلم يقم دليل صحيح على اعتبار هذه الشروط ولم يرد دليل على تقييد الجوربين بهذه الشروط. قال ابن حزم:[ اشتراط التجليد خطأ لا معنى له لأنه لم يأت به قرآن ولا سنة ولا قياس صاحب، والمنع من المسح على الجوربين خطأ لأنه خلاف السنة الثابتة عن رسول الله e وخلاف الآثار ولم يخص عليه الصلاة والسلام في الأخبار التي ذكرنا خفين من غيرهما ] المحلى 1/324 .
وعقب الشيخ القاسمي على كلام ابن حزم المذكور بقوله :[ يؤيده أن كل المروي في المسح على الجوربين مرفوعاً إلى النبي e ليس فيه قيد و لا شرط ولا يفهم ذلك لا من منطوقه ولا من مفهومه ، ولا من إشارته وجلي أن النصوص تحمل على عمومها إلى ورود مخصص ، وعلى إطلاقها حتى يأتي ما يقيدها ولم يأت هنا مخصص ولا مقيد لا في حديث ولا أثر . هذا أولاً وثانياً قدمنا أن الإمام أبا داود روى في سننه عن عدة من الصحابة المسح على الجوربين مطلقاً غير مقيد كما قدمناه وهكذا كل من نقل عن الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم أجمعين المسح على الجوربين لم يروه بقيد ولا شرط مما يدل على أن تقييده لم يكن معروفاً في عصورهم التي هي خير القرون ، وثالثاً الجورب بين بنفسه في اللغة والعرف كما نقلنا معناه عن أئمة اللغة والفقه ولم يشرط أحد في مفهومه ومسماه نعلاً ولا ثخانة وإذا كان موضوعه في الفقه واللغة مطلقاً فيصدق بالجورب الرقيق والغليظ والمنعل وغيره ] رسالة المسح على الجوربين 70 - 71 .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:[ نعم يجوز المسح على الجوربين إذا كان يمشي فيهما سواء أكانت مجلدة أو لم تكن في أصح قولي العلماء ففي السنن: أن النبيeمسح على جوربيه ونعليه وهذا الحديث إذا لم يثبت فالقياس يقتضي ذلك فإن الفرق بين الجوربين والنعلين إنما هو كون هذا من صوف وهذا من جلود ومعلوم أن مثل هذا الفرق غير مؤثر في الشريعة فلا فرق بين أن يكون جلوداً أو قطناً أو كتاناً أو صوفاً كما لم يفرق بين سواد اللباس في الإحرام وبياضه ومحظوره ومباحه وغايته أن الجلد أبقى من الصوف فهذا لا تأثير له كما لا تأثير لكون الجلد قوياً بل يجوز المسح على ما يبقى وما لا يبقى . وأيضاً فمن المعلوم أن الحاجة إلى المسح على هذا كالحاجة إلى المسح على هذا سواء . ومع التساوي في الحكمة والحاجة يكون التفريق بينهما تفريقاً بين المتماثلين، وهذا خلاف العدل والاعتبار الصحيح الذي جاء به الكتاب والسنة، وما أنزل الله به كتبه وأرسل به رسله .ومن فرَّق بكون هذا ينفذ الماء منه وهذا لا ينفذ منه: فقد ذكر فرقاً طردياً عديم التأثير ] مجموع الفتاوى 21/214 .
وسئل الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين عما اشترطه بعض العلماء من كون الجورب والخف ساترين لمحل الفرض فأجاب بقوله :[ هذا الشرط ليس بصحيح لأنه لا دليل عليه فإن اسم الخف أو الجورب ما دام باقياً فإنه يجوز المسح عليه لأن السنة جاءت بالمسح على الخف على وجه مطلق وما أطلقه الشارع فإنه ليس لأحدٍ أن يقيده إلا إذا كان لديه نصٌ من الشارع أو إجماعٌ أو قياسٌ صحيحٌ وبناءً على ذلك فإنه يجوز المسح على الخف المخرق ويجوز المسح على الخف الخفيف لأن كثيراً من الصحابة كانوا فقراء وغالب الفقراء لا تخلو خفافهم من خروق فإذا كان هذا غالباً أو كثيراً في قوم في عهد الرسول e ولم ينبه عليه الرسول e دلَّ ذلك على أنه ليس بشرط ، ولأنه ليس المقصود من الخف ستر البشرة ، وإنما المقصود من الخف أن يكون مدفئاً للرجل ونافعاً لها ، وإنما أجيز المسح على الخف لأن نزعه يشق وهذا لا فرق فيه بين الجورب الخفيف والجورب الثقيل ولا بين الجورب المخرق والجورب السليم والمهم أنه ما دام اسم الخف باقياً فإن المسح عليه جائز لما سبق من الدليل ] مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين ص 165-166 .
صفة الجوارب التي يمسح عليها
المسح على الجوربين كما ذكرت ثابت عن الرسولeومنقول عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم ولم يرد عنهم فيما أعلم صفة الجورب الذي يجوز المسح عليه من حيث كونه ثخيناً أو رقيقاً والأصل أن ما جاء عن الشارع بدون تقييد أن يبقى على إطلاقه ويترتب على ذلك جواز المسح على مطلق جورب قال الإمام النووي :[ حكى أصحابنا عن عمر وعلي - رضي الله عنهما - جواز المسح على الجورب وإن كان رقيقاً وحكوه عن أبي يوسف ومحمد وإسحاق وداود .]المجموع 1/500 .
ثم إن القول بجواز المسح على كل جورب يحقق معنى الرخصة المقصودة من ذلك وهو التخفيف والتيسير على الناس .
المسح على الجورب المخرق
يجوز المسح على الجورب المخرق فإن الرخصة في المسح على الخفين والجوربين عامة تعم الخف الخالي من الخروق والمخرق ما دام يلبس والجورب له نفس الحكم وقد كانت خفاف بعض الصحابة لا تخلو من الخروق قال سفيان الثوري ( امسح عليها ما تعلقت به رجلك وهل كانت خفاف المهاجرين والأنصار إلا مخرقة مشققة مرقعة ) رواه عبد الرزاق في المصنف 1/194ورواه البيهقي أيضاً 1/283.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية [ فلما أطلق الرسول eالأمر بالمسح على الخفاف مع علمه بما هي عليه في العادة ولم يشترط أن تكون سليمة من العيوب وجب حمل أمره على الإطلاق ولم يجز أن يقيد كلامه إلا بدليل شرعي . وكان مقتضى لفظه أن كل خف يلبسه الناس ويمشون فيه فلهم أن يمسحوا عليه وإن كان مفتوقاً أو مخروقاً من غير تَحديد لمقدار ذلك فإن التحديد لا بدّ له من دليل ... )مجموع الفتاوى 21/174 ، وهذا مذهب إسحاق وابن المبارك وابن عيينة وأبي ثور .
مـدة المسح
ذكرت أن مدة المسح محدودة بيوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليها للمسافر وتبدأ مدة المسح من أول مرة مسح فمثلاً لو توضأ شخص لصلاة الفجر ولبس جوربيه ثم انتقض وضوءه وعند صلاة الظهر توضأ ومسح عليهما فمن هذا الوقت تبدأ مدة المسح فإن كان مقيماً فيجوز له أن يمسح إلى ظهر اليوم التالي وإن كان مسافراً فيمسح إلى ظهر اليوم الثالث وهذا هو أصح القولين في المسألة .
قال الإمام النووي:[ وقال الأوزاعي وأبو ثور ابتداء المدة من حين يمسح بعد الحدث . وهو رواية عن أحمد وداود وهو المختار الراجح دليلاً واختاره ابن المنذر وحكى نحوه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ] المجموع 1/ 487
كيفية المسح على الخفين
أن يبل أطراف أصابع يديه بالماء ويبدأ بالمسح من أطراف أصابع الرِّجل إلى الساق فقط فيمسح أعلى الجورب مرة واحدة ولا يشرع تكرار المسح.
نزع الجورب ليس من نواقض الوضوء
إذا نزع الشخص الجورب بعد أن مسح عليه وهو على وضوء فلا ينتقض وضوءه لأن الوضوء لا ينتقض بمجرد نزع الخف على الراجح من أقوال أهل العلم ما لم يطرأ ناقض من نواقض الوضوء، قال الإمام النووي بعد أن ذكر ثلاثة أقوال في المسألة :[ الرابع لا شيء عليه لا غسل القدمين ولا غيره بل طهارته صحيحة يصلي بها ما لم يحدث كما لو لم يخلع وهذا المذهب حكاه ابن المنذر عن الحسن البصري وقتادة وسليمان بن حرب واختاره ابن المنذر وهو المختار الأقوى … واحتج له بأن طهارته صحيحة فلا يبطل بلا حدث كالوضوء وأما نزع الخف فلا يؤثر في الطهارة بعد صحتها كما لو لم مسح رأسه ثم حلقه ] المجموع 1/527 .
وهو قول شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال :[ ولا ينتقض وضوء الماسح على الخف والعمامة بنزعهما ولا بانقضاء المدة ولا يجب عليه مسح رأسه ولا غسل قدميه وهو مذهب الحسن البصري كإزالة الشعر الممسوح على الصحيح من مذهب أحمد وقول الجمهور ] الاختيارات العلمية ص 15 .
وهذا أيضاً مذهب ابن حزم الظاهري فقد قال :[ ومن مسح كما ذكرنا على ما في رجليه ثم خلعهما لم يضره ذلك شيئاً ولا يلزمه إعادة الوضوء ولا غسل رجليه بل هو طاهر كما كان ويصلي كذلك … ] المحلى 1/337 . وقد رجح الشيخ الألباني هذا القول ثم قال :[ ويترجح على القولين الآخرين بمرجح آخر بل بمرجحين : الأول : أنه موافق لعمل الخليفة الراشد علي بن أبي طالب ، فقد قدمنا بالسند الصحيح عنه رضي الله عنه أنه أحدث ثم توضأ ومسح على نعليه ثم خلعهما ثم صلى .
والآخر : موافقته للنظر الصحيح ، فإنه لو مسح على رأسه ثم حلق ، لم يجب عليه أن يعيد المسح بله الوضوء ] تمام النصح في أحكام المسح ص 87 .
وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى [ عن رجل مسح على شرابه - أي جوربه - عند الوضوء ثم خلعها بعد أن وجد لها رائحة ، وصلى ولم يغسل مكانها ، فما حكم صلاته على هذه الحالة؟
فأجاب بقوله : إذا كان خلعه لها وهو على طهارته الأولى التي لبس عليها الشراب فطهارته باقية ، ولا يضره خلعها ، أما إن كان خلعه للشراب بعد ما أحدث فإنه يبطل الوضوء ، وعليه أن يعيد الوضوء؛ لأن حكم طهارة المسح قد زال بخلع الشراب في أصح أقوال العلماء.]
وقال الشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله [ وأما طهارته إذا خلعه ، فإنها باقية، فالطهارة لا تنتقض بخلع الممسوح ، وذلك لأن الماسح إذا مسح تمت طهارته بمقتضى الدليل الشرعي ، فلا تنتقض هذه الطهارة إلا بمقتضى دليل شرعي ، وليس هناك دليل شرعي على أنه إذا خلع الممسوح بطل الوضوء ، وإنما الدليل على أنه إذا خلع الممسوح بطل المسح ، أي لا يُعاد المسح مرة أخرى إلا بعد غسل الرجل في وضوء كامل، وعليه فنقول: إن الأصل بقاء هذه الطهارة الثابتة بمقتضى الدليل الشرعي حتى يوجد الدليل ، وإذا لم يكن دليل فإن الوضوء يبقي غير منتقض ، وهذا هو القول الراجح عندنا ]
انتهاء مدة المسح ليست من نواقض الوضوء
إذا مضت مدة المسح ولم يحدث المتوضئ فوضوءه صحيح إلى أن يحدث لأن انتهاء مدة المسح ليس من نواقض الوضوء على الصحيح من أقوال أهل العلم.
قال الإمام النووي: ( وهذا المذهب حكاه ابن المنذر عن الحسن البصري وقتادة وسليمان بن حرب ، واختاره ابن المنذر ، وهو المختار الأقوى ، وحكاه أصحابنا عن داود ) المجموع 1/527 وهو الذي ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية كما سبق في المسألة قبلها.
وقال ابن حزم الظاهري أيضاً: ( وهذا هو القول الذي لا يجوز غيره ، لأنه ليس في شيء من الأخبار أن الطهارة تنتقض عن أعضاء الوضوء ولا عن بعضها بانقضاء وقت المسح ، وإنما نهى عليه السلام عن أن يمسح أحد أكثر من ثلاث للمسافر أو يوم وليلة للمقيم . فمن قال غير هذا فقد أقحم في الخبر ما ليس فيه، وقوَّل رسول الله e ما لم يقل . فمن فعل ذلك واهماً فلا شيء عليه ، ومن فعل ذلك عامداً بعد قيام الحجة عليه فقد أتى كبيرة من الكبائر ، والطهارة لا ينقضها إلا الحدث ، وهذا قد صحت طهارته ، ولم يحدث فهو طاهر ، والطاهر يصلي ما لم يحدث أو ما لم يأت نص جلي في أن طهارته انتقضت وإن لم يحدث . وهذا الذي انقضى وقت مسحه لم يحدث ولا جاء نص في أن طهارته انتقضت لا عن بعض أعضائه ولا عن جميعها ، فهو طاهر يصلي حتى يحدث ، فيخلع خفيه حينئذٍ وما على قدميه ويتوضأ ثم يستأنف المسح توقيتاً آخر ، وهكذا أبداً ) المحلى 1/329-330.
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :[ الصحيح أنه لا ينتقض الوضوء بانتهاء مدة المسح ، يعني مثلاً لو كانت تنتهي مدة المسح الساعة الثانية عشرة ظهراً ، وبقيت على طهارتك إلى الليل فأنت على طهارتك ؛ وذلك لأنه ليس هناك دليل على انتقاض الوضوء بانتهاء مدة المسح ، ورسول الله eوقَّت المسح ولم يوقت الطهارة ، وهذه قاعدة ينبغي لطالب العلم أن ينتبه لها ، وهي أن ما ثبت بدليل شرعي فإنه لا يرتفع إلا بدليل شرعي ؛ لأن الأصل بقاء ما كان على ما كان ] .
وقال الشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله أيضاً : لا ينتقض الوضوء بانتهاء المدة لأن النبي e ، إنما وقَّت مدة المسح لا انتهاء الطهارة ، فليس الموَّقت الطهارة حتى نقول إذا تمت مدة المسح انتقضت ، بل الموقت المسح ، فنحن نقول : إذا تمت المدة لا تمسح ، لكن قبل تمام المدة إذا مسحت وأنت على طهارة فإن طهارتك هذه قد تمت بمتقضى دليل شرعي ، وما تم بمقتضى دليل شرعي فلا ينتقض إلا بمقتضى دليل شرعي ، ولا دليل على ذلك والأصل بقاء الطهارة وعدم النقض ، وفي مسألة النقض أصل أصَّله رسول الله e، في الرَّجُل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة ، فقال : " لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً " فلم يوجب النبي eالوضوء إلا على من تيقَّن سبب وجوبه ، ولا فرق بين كون سبب الوجوب مشكوكاً فيه من حيث الواقع كما في الحديث ، أو من حيث الحكم الشرعي ، فإن في كل جهالة ، هذا جاهل بالواقع هل حصل أو لم يحصل ؟ وهذا جاهل بالشرع هل يوجب أو لا ؟ فإذا قال النبي e: " لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً " عُلم أنه لا ينتقض الوضوء إلا باليقين وهنا لا يقين فتبقى الطهارة ].
المسح على جورب فوق جورب
إذا لبس شخص جورباً فوق جورب قبل أن يحدث فله أن يمسح على الجورب الثاني .
وقد سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى عن حكم ما إذا لبس الشخص جورباً على طهارة بعد صلاة الفجر وعند الوضوء لصلاة الظهر مسح عليه ، وبعد الصلاة لبس عليه جورباً آخر وهو أيضا على طهارة ، فهل يجوز له المسح على الجورب الفوقاني؟ وهل الحكم في انتهاء مدة المسح للجورب الفوقاني أم التحتاني؟
فأجاب بقوله : لا حرج في المسح على الفوقاني إذا كنت لبسته على طهارة وتكون المدة في المسح حينئذ متعلقة بالجورب الفوقاني؛ لكونه لبس على طهارة ، كما لو لبس الخفين أو الجوربين على طهارة قد مسح فيها على جبيرة .
حكم المسح على الأحذية " الكنادر "
يجوز المسح على الأحذية " الكنادر " إذا كانت تغطي الجزء المفروض غسله من الرجلين وهو ما دون الكعبين - والكعب هو العظم الناتئ في أسفل الساق - وكذلك يجوز المسح على ما يسمى باللغة الدارجة " البوط " وما يشبهه من الأحذية التي تغطي الكعبين لأن المقصود بالمسح على الخفين الوارد في النصوص هو التخفيف عن الناس ورفع الحرج والمشقة فالصحيح الذي عليه المحققون من أهل العلم جواز المسح على كل ما يلبس على الرجلين ، بل إن بعض العلماء لا يشترط الشرط الذي ذكرته وهو أن يكون ساتراً لمحل الفرض في غسل الرجلين ورأيه وجيه .
والله الهادي إلى سواء السبيل
كتبه الشيخ الدكتور. حسام الدين بن موسى عفانه
الأستاذ المشارك في الفقه والأصول/ كلية الدعوة وأصول الدين / جامعة القدس
بيت المقدس 9 ذو القعدة 1424هـ وفق 1/1/2004 م
كركر- عضو خيالى
- عدد الرسائل : 185
العمر : 34
مزاج اية :
هوياتك :
الفاعليه :
السٌّمعَة : 0
نقاط : 5965
تاريخ التسجيل : 24/12/2010
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى